الجمعة، 29 نوفمبر 2013

ثمن الخلود



قضى حياته في العمل على آلة تجمده لثلاثة آلاف عام لكي تمكنه من الوصول للمستقبل
فيصل إلى زمن يتمكن الطب والعلم فيه من جعله خالدا لا يموت .
كان مقتنعا أن التطور العلمي سيصل بالإنسان للخلود ولكنه لا يستطيع الإنتظار

فتح علينيه وهو يتأمل الضوء الأبيض المبهر في غرفة العمليات محاولا تذكر كيف دخل إلى الآلة
وإذ باثنين يدخلان عليه تبدوا عليهما علامات الشباب وذوق غريب بالملابس .

- أين أنا ؟
- أنت في المختبر العلمي .. لقد قمنا بإيقاف تجميدك .. لقد كنت مجمدا لمدة 3000 عام

علت وجهه المجعد إيتسامة رضى وسعادة ولكن عينيه لا تزالا ضعيفتين
فلم يستطع التمييز من يقف أمامه من منهما الرجل ومن من هما المرأة ..
حتى الصوت كان غريبا عليه ووجد صعوبة في تمييز هل هما ذكور أو إناث ..

- هل توصلتم إلى سر الخلود ..؟
- نعم .. نجح العلم في جعل الإنسان لا يموت .
- رائع .. هل تستطيعون جعلي خالدا ..؟
- نعم .. الإجراء ممكن ومتوفر ..
- رائع .. أخيرا سوف أعيش للأبد وأتزوج من إمرأة تنجب لي الكثير من الأطفال ..
- ماذا تعني بأمرأة وزواج .؟
إلتفت إليه زميله وقال له : يبدو أنه من الزمن الذي كان البشر فيه يتكاثرون جنسيا !

بدت علامات الحيرة تتشكل على وجهه الهرم فبادره الشخص الأول بالقول ..
- نحن لا نموت ولهذا لا نتكاثر ..
لقد ضمرت وظائفنا الجنسية البيولوجية منذ قرون بسبب عدم الحاجة لها  ..
في هذا الزمن لا يوجد ذكور وإناث .. إذا كنا خالدين لا معنى للتكاثر ..
وهذا ثمن بسيط جدا مقابل الخلود .

بعد دقائق من الصمت الغريب والحملقة في الهواء إندفع الرجل العجوز صارخا من النافذة ومات على الرصيف .

الأحد، 24 نوفمبر 2013

محاججة المفجر الإنتحاري ووهم المعرفة المطلقة


نحن نعيش في عالم يعاني من عدم تأقلمه مع التغير السريع في عالم التكنولوجيا والتي أصابتنا بما يسمى اليوم بالـ infobesity أو بتعبير أصح إنتاجنا لمعلومات أكبر بكثير مما نستطيع التعامل معه وبتسارع مضطرد .. مما فتح المجال أمام الكثير من الناس للوصول للمعلومات وتغيير مواقفهم .. باختصار هنا أتكلم عن بزوغ نجم الإلحاد والتزايد المتسارع لتحول الشباب إليه بعيدا عن أديانهم مما دفع أنصار الأديان إلى الخوض في مفاهيم ودفاعات لم تكن موجودة من ذي قبل ولم تذكر في الفلسفة القديمة أو أصول المحاججات الفاسدة ومنها أخص بالذكر محاججة واجهتني بضع مرات من خلال محاوراتي مع المدافعين عن الأديان وأطلقت عليها أسم “ محاججة المفجر الإنتحاري “

محاججة المفجر الإنتحاري

تعتمد هذه المحاججة كليا على إستخدام نزاهة الموقف العلمي وتواضعه أمام ما يجهل ضده متجاهلة أو جاهلة بالمبادء التي يقوم عليها المنهج العلمي تماما ليس بهدف إقناع الخصم بموقف المحاجج بل بهدف الوصول إلى أنه فقط مخطئ دون الوصول لأي نتيجة كنوع من الإنتصار الدونكيشوتي وهي تقوم على الشكل التالي :
تبدأ بسؤال الطرف الآخر ( المتبني للمنهج العلمي ) سؤال عن مدى يقينه من الواقع على شكل :

“ هل أنت متأكد أنك لا يمكن أن تكون مخطء حول ما تعتقده عن الوجود ؟”
هنا على الإنسان النزيه والصادق مع نفسه أن يقول بصدق :
نعم .. يمكن أن أكون مخطء فنحن لا يمكننا الجزم بشيئ إذا ما كنا نتكلم بشكل علمي.
وهنا يقوم المحاجج بتحويل ( لا نستطيع الجزم ) إلى ( نحن لا نعرف شيئ )
وتكون نتيجة المحاجج التالية : 
- لا يمكننا التأكد من وجودنا أو وجود أي شيئ بشكل مؤكد .. فكل شيئ يمكن أن يكون وهم أو خطأ حتى الواقع والوجود وعليه فإن موقفك ( من الدين أو الإله أو غيره ) هو موقف خاطئ لأنك لا يمكن أن تكون متأكدا منه .

قد يبدو للوهلة الأولى أن في المحاججة شيئ من الحقيقة وأنها مقنعة .. بالفعل .. إذا كنا لا نستطيع تأكيد وجودنا ما المانع من أن يكون كل شيئ مجرد وهم أو حلم أو شيئ لا نستطيع حتى تخيله وأن كل ما نعرّفه على أنه واقع هو لا شيئ وبالتالي لا نستطيع الحديث عن الحقيقة إلا من باب التعصب الأعمى أو الغرور .

لقد سميت هذه المحاججة باسم (محاججة المفجر الإنتحاري) كونها تنسف “ظاهريا فقط” محاججة الخصم كما أنها بنفس الوقت تنسف أي محاججة أو موقف يقدمها مقدم المحاججة , فهي عندما تنفي الواقع فإنها تنفي كل شيئ ناتج عن أو في هذا الواقع بما في ذالك المفاهيم والإفتراضات الدينية التي يتبناها مقدم المحاججة .
ولكن عليكم أن تدركو أن هذه النتيجة ظاهرية فقط بسبب تجاهل الأسس التي يبنى عليها المنهج العلمي والتي لا تقلل من قيمته وسأقوم بشرح لماذا .

ما يجهله الكثيرون أن المنهج العلمي يقوم على ثلاث إفتراضات أساسية
وهي إفتراضات غير قابلة للإختبار أو التأكيد . وهي كالتالي
1- إفتراض أن الكون أو الوجود موجود
2- إفتراض أننا نستطيع إكتساب معرفة عن هذا الكون والوجود وتكوين صورة عقلية له
3- أن الصورة العقلية التي لها قدرة تنبؤية أفضل من الصورة العقلية التي ليس لها قدرات تنبؤية


هذه الإفتراضات الثلاث التي لا يمكن إختبارها أو التأكد منها تجريبيا هي أساس المنهج العلمي كله وهي مصدر تواضع ونزاهة من يتبنى المنهج العلمي و مما يستحق التنويه له هو أنها أقل قدر ممكن من الإفتراضات الممكن تبنيها بدون الوقوع في تناقضات داخلية .

الصورة العقلية للواقع والواقع .

قد يتسائل أحدكم .. وماذا تعني بالصورة العقلية للواقع .. وهل تختلف عن الواقع ؟
هنا أقول أننا ككائنات عاقلة لا نتعامل مع الواقع بشكل مباشر بل نقوم ببناء صورة عقلية أو موديل للوجود في عقلنا ومن ثم نتعامل معها .
عندما ننظر لجسم ما ( ولنقل أنها كرة ) نحن لا نتعامل عقليا مع الكرة بل نتعامل مع الصورة الموجودة في عقلنا عن الكرة من مفاهيم وأفكار وصور وكلما كانت الصورة العقلية مطابقة للواقع كلما كانت ذات قدرة تنبؤية أكبر . عمليا لا يمكن للصورة العقلية أن تكون مطابقة 100% للواقع ففي المثال السابق لا يمكن أن تكون الكرة واقعيا كرة مطلقة كما في الصورة العقلية لها ..  لأننا هنا نهمل أن الذرات المكونة لها كنقاط سيكون بينها زوايا وبالتالي تنتفي الكروية على المقياس الذري , ولكن الصورة العقلية قريبة جدا من الواقع لدرجة أنها تؤخذ على أنها حقيقة تجاوزا . ومن هنا نميز أهمية الإفتراض الثالث حيث أننا لا نتعامل مع حقائق عقليا بل مع صور لهذا الواقع في عقولنا وبالتالي أقرب هذه الصور إلى الواقع هي أصلحها .. ولا يوجد طريقة أخرى لاختبار تقارب الصورة مع الواقع أفضل من إختبار الصورة تنبؤيا .

عندما وضع أول تصور لجزيئ الـ DNA  عام 1953 على يد جيمس واتسون و فرانسيس كريك و موريس ولكنز لم تكن نظريتهم مبنية على ملاحظة أو قياس مباشر بل عن طريق إختبار الصورة أو الموديل . اليوم إستطعنا بواسطة المجاهر الإلكترونية الدقيقة من تصوير ورؤية هذا الجزيئ الخلاب ولكن عندما وضعت النظرية وضعت على شكل تصور ومن ثم تم إختبار هذا التصور ومدى تطابقه مع الواقع عن طريق وضع تنبؤات إن صحت أثناء التجربة فإنها تثبت الصورة النظرية أو الموديل الذي وضعوه .
نستطيع قول المثل بالنسبة للصورة الذرية أو الموديل الذري الذي وضعه الفيزيائي نيلز بور عام 1913 والذي يعرف اليوم بموديل بور الذري حيث أنه عندما تم تقديمه لم يكن باستطاعة أحد مشاهدة الذرة أو قياسها ولكن لأن طريقة المنهج العلمي غير محدودة فقط بحواسنا الخمس نستطيع رسم صورة للواقع ومن ثم إختبار مدى قدراتها التنبؤية وبالتالي إختبار الصورة أو الموديل .. فالتي يكون لها قدرات تنبؤية أكبر نتبناها كحقيقة وصورة أكثر تطابقا للواقع .
ومن هنا نأتي بالإفتراض الثالث الذي يقول بأن الصورة العقلية التي لها قدرة تنبؤية أفضل من الصورة العقلية التي ليس لها قدرات تنبؤية .

إذن أين نحن من هذا كله وكيف يمكننا القبول بنمهج قائم على إفتراضات .؟
الجواب هو أنك لا يمكن أن تعيش حياة إدراكية بدون وضع الإفتراضات .. الإفتراضات هي الطريقة التي نستخدمها لرسم الصورة العقلية التي نستخدمها في إدراكنا للوجود ولكن هذا لا يعني أننا نستطيع إفتراض ما نشاء وقتما نشاء وعلينا أن نحرص على أن يكون لدينا أقل قدر ممكن من الإفتراضات والمتمثلة بالثلاثة المذكورة أعلاه .

الغريب أن المدافعين عن الموقف الديني يجدون أن وجود هذه الإفتراضات يطعن في قيمة المنهج العلمي متناسين أن كل ما لديهم هو إفتراضات إضافية غير مبررة وغير ذات قدرة تنبؤية تعتمد أساسا على هذه الإفتراضات الثلاث ..
بل والأغرب أنهم يظهرون غرورا كبيرا في التعامل مع إفتراضاتهم ويصفونها بأنها حقائق مطلقة .. هم يعرفون أن الله موجود .. ويعرفون بالتأكيد أن دينهم هو الدين الصحيح .. ولا يمكن أبدا أبدا أن يكونو مخطئين أو حتى يعترفوا بإمكانية قدرتهم على الخطأ . وبعد ذالك يأتي هؤلاء أنفسهم ليكلمونا عن النزاهة والأخلاقية في طرح المعلومات . 
وهنا أسأل .. متى قدمت أي إدعائات أو إفتراضات غيبية أو دينية أي قدرة تنبؤية أو نجحت في تأكيد نفسها تجريبيا ؟
وهل نحن في حاجة لوضع إفتراضات أساسية جديدة لا مبرر لوجودها ولا تخدم أي ضرورة ؟
هل قدم التفكير الغيبي والديني أي شيئ مقابل ما قدمه المنهج العلمي من حضارة وتكنولوجيا ومعارف ؟

المنهج العلمي يدرك أن تبنيه لهذه الإفتراضات الثلاث الأساسية دون القدرة على التأكد منها تجريبيا هو نوعا ما نقطة سوداء ضرورية . وأعتقد أن كل المتبنين للمنهج العلمي يجب أن يصلوا إلى السلام والتقبل بما يخص تبني هذه الإفتراضات , لأنه بدون إفتراضها لن يكون هناك علم أو وجود أو إدراك .. لن يكون هناك شيئ وسنهيم في وجود لسنا حتى متأكدين من وجوده ودون إمكانية لوجود العلم والمعرفة . وبرأيي أن إدراك هذا الواقع هو الذي يمنح العلم نزاهته وتواضعه وعدم تبنيه للمطلقيات في الأحكام .

الاثنين، 11 نوفمبر 2013

لماذا يندفع المؤمنون إلى محاولات تفسير إلحاد الملحد


كملحدين على الأنترنت من الطبيعي بعد مرور سنوات من الإطلاع والحوارات مع ذوي الأديان أن نصل إلى نوع من الخبرة في الرد وأن نبدأ بتوقع  ما سيقوله الطرف الآخر وقد تصل الحالة إلى تحكمنا بالحوار لأننا نعرف تماما ما هي الأوراق التي لدى الطرف الآخر ومتى وكيف سيلعبها .. بالنهاية ليس لديهم الكثير من الأوراق وكلها قديمة ومكررة .

ولكن أحب أن أسلط الضوء على الدوافع النفسية التي تدفع المؤمن إلى محاولة تفسير شرسة لدوافع إلحاد الملحدين على الرغم من أن هذا الموضوع قد لا يهمه أساسا . حيث أنني أرى أن السبب في هذا الإندفاع هو الرغبة القوية في التهرب من التفسير الحقيقي تماما كما يقوم المجرم بالإندفاع للشهادة في محضر الجريمة "ومساعدة" الشرطة في التحقيق حتى يبعد العيون عنه . ففي النهاية التفسير الصحيح والمنطقي يدينه . حيث أنه وببساطة “ الملحد غير قناعاته إعتمادا على وعي جديد أنتجته مكتسباته الثقافية واطلاعه على الأديان “ ولكن المؤمن يرى في هذا التفسير انتقاص منه .. كونه بدرك أنه لم يفكر بهذا الموضوع ولم يطلع بما فيه الكفاية على دينه الذي يؤمن به وبهذا يكون للإلحاد مصداقية كونه أتى نتيجة عن الإطلاع والثقافة والتفكير
كما أنه بأفضل السيناريوهات يضع الملحد في مستوى واحد مع المؤمن إذا ما إفترضنا أن كليهما وصل إلى قناعته من خلال التفكير والإطلاع ..  وهذا المستوى الواحد غير مقبول بتاتا لدى عقول من يؤمنون أنهم متفوقين على الآخرين لمجرد إيمانهم بقصة ما . فلا يمكن للمؤمن أن يقبل بأن يوضع على سوية واحدة مع أي معتقد مختلف ..
مما يجعل مجرد القبول أو حتى طرح إمكانية أن يكون الملحد مقتنعا ببساطة أمرا غير واردا لديهم ويجب تجنبه والتغطية عليه مهما كان الثمن 

وكون المؤمن بشكل عام لا يعنيه الوصول لتفسير صحيح لدوافع إلحاد الملحد وكل همه هو إبعاد الأعين عن التفسير الحقيقي فإنه يستخدم أوراقه ويرمي بأول الأشياء التي تخطر على باله والتي يعتبرها كفيلة وكافية لإقناع شخص بفكر ما من وجهة نظره .. أي يقوم بعملية إسقاط ويسقط على الملحد دوافعه هو وغيره من المؤمنين والتي جعلته وجعلتهم يعتقدون بصحة الدين .
وفيما يلي بعض من تلك الإسقاطات .

01 - الملحد ألحد بسبب أنه جاهل ومغيب .
هنا يقوم المؤمن بافتراض أن الملحد جاهل وأنه ملقن أو تابع بدون فكر أو إرادة حرة ويقرر ذالك من عنده دون أن يكون لديه أي دليل أو مبرر كونه يقوم بإلقاء ورمي إنعكاس واقع المؤمنين على الملحد ..  معظم المؤمنين يؤمنون لهذا السبب بالتحديد .. فالمجتمعات المتدينة جاهلة وعاطفية وغير مثقفة ومغيبة بالكامل .. وهذا ما هو إلا رمي إتهامام لا يمتلك المؤمن مبرر لافتراضها أساسا إلا بغية تفسير إلحاد الملحد بطريقة تغطي على السبب الحقيقي

02- الملحد مدفوع الأجر من جهات معادية للدين .
وهنا يقوم المؤمن بإسقاط فكرة الدعوة والتبشير المدفوعة الأجر من المؤسسات الدينية للطعن في غايات ونزاهة موقف الملحد ويفترض وجود مؤامرة غايتها نشر فكر الملحد على الرغم من أنه هو يمارس هذه المؤامرة بنفسه وبكل فخر. وليس لديه أي مشكلة في دعم أجندات هدفها حتى أذية مجتمعه بشكل صريح .

03- الملحد ألحد لأنه عانى من أزمة في حياته أو كردة فعل على الضغوط .

وهنا يسقط المؤمن تمسكه ولجوؤه للدين والإله في الحوادث والنكبات على الملحد حيث يفترض أن حادثة معزولة هي السبب في تغير موقف الإنسان من الإله وتركه للدين .. ولكنه يتناسى أنها أيضا سبب في تمسك ولجوء الناس للدين
الهدف من هذا التفسير هو التقليل من أهمية الموقف واعتباره موقف عاطفي غير حكيم ولا مبرر منطقيا وعقليا..
هنا يحاول المؤمن إسقاط حالته الخاصة حيث تتأثر علاقته بالله والتدين لنفس السبب وهو حدوث أمر جلل أو المعاناة من الغربة والاضطهاد. وبذالك يقوم بصورة غير مباشرة بالتعبير عن كون موقفه نابع من ردة فعل أيضا .

04- الملحد شرير وكاره للمجتمع ويريد تخريبه .
وهنا أيضا يسقد المؤمن كراهيته للمجتمع على الملحد ففي حين أن الملحد يتمتع بانتماء لوطنه أو فكره أو عرقه أو أي كان تتسم المجتمعات المتدينة بكراهيتها للمؤسسة الإجتماعية الحديثة على إعتبار أنها خطيئة وابتعاد عن النهج الديني ونجد ذالك في كل المجتمعات الدينية والتي تشكل طابور خامس في كل الدول التي تحتويهم وهم مستعدون للتحالف مع أعدى أعدائهم للنيل من سيادة القانون والدولة التي يرونها أثم وابتعاد عن النهج والشرائع الدينية من الإخوان إلى السلفيين إلى حزب الله إلى الجماعات المسيحية المتطرفة إلى المجتمعات المتدينة بالهند وباختصار أي توجه ديني أصولي يرفض الحداثة


05- الملحد ألحد لأنه يريد الإنغماس في الشهوات بدون رادع .
هنا يتجلى بوضوح الهوس الجنسي لأصحاب الأديان حيث يقومون بإسقاط رغباتهم وأحلامهم التي يتمنونها ويعيشونها ويتناسون أن أي كان يستطيع من خلال الدين القيام بأي شيئ فالدين لم يمنع شيئ بل قام باختصار بإضافة إجرائات وبيروقراطية لأي تلبية لرغبة تضمن بقاء الدين حاضرا وذو سلطة . بل ويتناسون أن كل الإتهامات التي يلقونها على الملحد هي أسمى غاياتهم وهي ما وعدهم إلههم بها في الجنة كجائزة مقابل الطاعة العمياء ..
أستطيع هنا وضع رأي بخذوذ الدين حيث أرى أنه وجد لا لكي يضع قوانين تنظم تلبية الرغبات بل وجد الدين لكي يكسر القواعد والقوانين الأخلاقية وإيجاد آليات ومبررات للقيام بهذا التجاوز على القيم الأخلاقية
على سبيل المثال تعدد الزوجات .. لا يوجد أي مجتمع بشري يبرر تعدد الزوجات إلا من خلال الدين . كما لا ننسى أن أشياء مثل إرضاع الكبير ونكاح الميت كلها لم تأتي إلا من رحم الدين .

06- الملحد مريض نفسيا .
طبعا هذا الإسقاط أشدها وضوحا فمن أكثر الأشياء وضوحا أن الملحد ليس هو من يقوم بالكلام مع والتضرع لرجل خفي يسكن السماء ولا هو يعتقد بوجود كائنات خفية مثل الجن والعفاريت والملائكة ترصد حركته وتتدخل في قدره ولا هو من يعتقد بوجود حياة أبدية بعد الموت وأشياء كثيرة مكانها الطبيعي قصص الأطفال الخيالية .. هنا يظهر جليا من هو المريض النفسي .

07- الملحد يريد أن ينكح أمه وأخته .
هنا يقوم المؤمن بإسقاط فكرة إنعدام القيم الأخلاقية على الملحد حيث يقول باختصار : “ أنا ما يمنعني عن نكاح أمي وأختي هو التحريم وبغياب التحريم والدين فإن هذا جائز كوني لا أمتلك أي قيم أخلاقية أصيلة "  وعليه يستنتج أن الملحد لا توجد له بوصلة أخلاقية إعتمادا على إسقاط نفسه وغياب البوصلة الأخلاقية لديه .. الأوامر والقواعد المفروضة من جهة خارجية ليست أخلاقا . والإنسان الذي  يجبر على سلوك ما  ضد رغباته لا يمكن أبدا إعتباره أخلاقي أو يمتلك بوصلة أخلاقية .

08- الملحد ألحد بسبب ضغط الأقران ولأنها تقليعة لا أكثر .
هنا يسقط المؤمن السبب الرئيسي في تدينه على الملحد حيث أن معظم المسلمين مسلمين لأنهم في مجتمع مسلم .. ومسيحيين لأنهم في مجتمع مسيحي أي أنهم يختارون دجنهم بحسب ما هو شائع بين الأقران مما يمنحهم قيمة اجتماعية وامتيازات 
ونستطيع ملاحظة حالة الإسقاط هنا عندما يفترض المؤمن أن الملحد ألحد لنفس الأسباب ويقوم بمحاولة إقناعه اعتمادا على هذا الافتراض .. حيث يدخلون لتجمع  ما للملحدين ويقصون عليهم كيف أنهم كانوا ملحدين وأنهم يتوبون الآن ويعودون إلى الله .. متوقعين أن هذا التكنيك قد يؤثر في ملحد باعتبار أنهم يتخيلون أن سبب إلحاده هو أن أصدقائه ملحدين أو أنه معجب بهذه الموضة الجديدة .



هذا طبعا غيض من فيض وأنا متأكد أن قائمة التفسيرات التي يستخدمها المؤمنون لتفسير إلحاد الملحد وإن كانت أطول بقليل مما ذكرته آنفا إلا أنها محدودة جدا والأهم أنها مهما طالت أو قصرت فمن المؤكد والذي يجب أن يكون لدى الجميع ثقة به أنها لن تحتوي على التفسير الحقيقي والصحيح .. لأن غاية التفسير لم تكن أبدا الوصول له