خيال المآتة أو الفزاعة هي أداة توضع في حقول الذرة لتخيف الطيور في موسم البذار وهي عبارة عن عمود خشبي توضع عليه ملابس قديمة حتى يبدو للطيور أن هناك من يحرس هذا الحقل
إستعملت صورة الفزاعة مرارا في التراث الإنساني ولكنها كلها تجمع على مفهوم واحد لها وهو البعبع الذي يخوفون به على الرغم من فراغه وعدم إحتوائه على هذا الحجم ..أي هو رمز من رموز الخداع بهدف حماية ممتلك أو الدفاع عن شيئ
وعلى الرغم من أن سياسة الفزاعة متبعة بقوة في المجتمعات العصافيرية .. عفوا ً العربية ..
فنحن كعرب ( ممن نحمل أجساد البغال وأحلام العصافير )
لا نستطيع ملاحظة تطبيق هذه السياسة بشكل يومي في حياتنا حتى أضحت جزأ ً من التراث
ما أحاول قوله أن الفزاعة وحتى تكون فزاعة وخيال مآتة حقيقي عليها التمتع ببعض العناصر حتى تكتمل وهي
أولا .. الجهل بماهيتها فكل مجهول مرهوب .. وهو أساس الهيبة والهالة من القصص والخرافات والأساطير المحاكة على هذا الوهم ..
ثانيا .. الشر .. فتلصق قيمة شريرة بهذا الجسم المجهول بغض النظر عن التفاصيل فهي قابلة للتغير والتبدل مع الزمن وما يبقى هو الفكرة السلبية مصدر هذه الأخبار والأفكار المسبقة عن الفزاعة .. على عكس أي تفكير منطقي يقول بأن الفكرة سيئة كانت أم جيدة عن أي شيئ يجب أن تنبع من أفعاله وصفاته ولكن هنا الأفعال والأخبار تنسج على أساس الفكرة المسبقة التي تعشعش بالدماغ
ثالثا .. حماية هذه الفزاعة من أي مشكك بها أو أي محاولة لاستبيان حقيقتها .. وكما كان المزارعين يطلقون النار على الطيور التي تتجرأ على تجاهل الفزاعة لتكون عبرة لغيرها فالحكومات والتيارات وحتى الثقافة والتراث في عالمنا العربي عملت جاهدا على أن تدافع بشراسة عن فزاعتها وقامت بالإنتقام من أي إنسان يحاول معرفة حقيقتها
الفزاعة التي أتكلم عليها اليوم والتي أعتقد أن بعضكم عرفها هي إسرائيل ..
إسرائيل التي رغم كوننا في حرب باردة معها منذ أكثر من ستين سنة و قربها الجغرافي ( تجلس في حضننا ) وعلى الرغم من أن لنا حقوق مغتصبة وتغتصب من قبلها يوميا و أزمة حقوق الإنسان المهينة في الأراضي المحتلة إلا أننا نحن السواد الأعظم من العامة لا نعرف عنها وعن حقيقتها أي شيئ .. إلا القليل القليل مما يذكر لنا وتحشى رؤوسنا به بشكل يومي طبعا ً ..
هذا الجهل بحقيقة إسرائيل ومجتمعها والرأي العام فيها وثقافتها ولغتها بالإضافة لكم القصص والخرافات المنسوجة عليها من أنهم يأكلون الأطفال صباحا ويتسلون بعظام الشهداء بعد العشاء وأمور أخرى كثيرة .. هذا الجهل يعطي صفة الفزاعة لأسرائيل في مجتمعاتنا العربية ..
ولكن لحظة .. أين العنصر الثالث الازم لتحول إسرائيل لفزاعة .. آآه نعم .. الحماية والحفاظ على الفزاعة بصيغة المجهول وضمان عدم إقتراب أي دخيل مشكك منها ..
هنا تستخدم الأنظمة العربية بعض الكلمات السحرية ..( جاسوس .. عميل .. متخاذل .. إنبطاحي .. زئبقي .. إلخ ) والتي فصلت وركبت لتكون سورا ً مكهربا ً يمنع أي مفكر من الأقتراب واكتشاف حقيقة هذه الفزاعة ويصادر كل حقوقه الإنسانية والمدنية
قد تقولون : أنت تربط ما لا يربط وأن الحكومات العربية ليس لها مصلحة في تكوين صورة طوطمية مخيفة لأسرائيل التي تقول عنها أنها فارغة .. أين مصلحتها .. أنت تبالغ .. نعرف أن حكوماتنا ليست الأفضل ولكن إتهامها بهكذا أشياء زائد عن حده
أنا لا أقول بأن إسرائيل ليست تهديدا أو عدو في الوقت الحالي أو أنها فارغة .. أنا أقول بأننا كشعب لا نعرف حقيقتها المغيبة عنا وأن رؤوسنا محشوة بأكاذيب أو أخبار منفوخة حتى الثمالة ..
هنا ستقولون : ولكن لماذا يتعمد أي إنسان تغييب الحقيقة أو إخفائها عنا ..؟؟!
وهنا أقول بكل بساطة بأن تحت كل فزاعة يوجد حقل ذرة ...
هذا ما لم تلاحظوه أعزائي العصافير ..
سلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق