الجمعة، 30 مايو 2014

مشكلتنا مع البيدوفيليا ..

 

كثيرا ما نرى الملحدين يطرحون قضية زواج محمد من عائشة وهي بعمر الست سنوات ودخوله عليها وهي بسن التسعة وبرأيي المتواضع هذا ضعف من الملحد الذي لا يجيد ترتيب أفكاره ومحاججته بشكل جيد , حيث يقوم بطرح القضية والمحاججة بها من خارج إطارها التاريخي والثقافي والقيمـ-أخلاقي .

علينا أولا أن نعرف المشكلة التي نحن بصددها ومعرفة أسباب رفضنا لشيئ .. لا يكفي أن نرفضه لأننا تربينا على رفضه أو لأن الأغلبية ترفضه . أنا لا أحاول الدفاع عن البيدوفيليا ولكن أحاول فهم لماذا نرفضها .
البيدوفيليا هي الممارسة الجنسية للبالغين مع الأطفال .. لماذا يعد هذا شيئ سيئ .. هل لأنه لا يعجب من يقوم بالتقييم الفعل ؟ هل لأنه يشعر من يتخيله بالتقزز ؟ هل هذا سبب كافي ..؟ بالتأكيد لا

وإلا لكان من الطبيعي أن نحاكم كل ما لا يعجبنا ونصفه بأنه جريمة إبتدائا بالبيدوفيليا والكانيبالزم وليس إنتهائا بالذوق الشخصي باللباس والمأكل . نحن لا نريد أن نرفض الشيئ على أساس دكتاتورية الأغلبية بل لأنه بالفعل أمر سيئ ويستحق الرفض .
مشكلة البيدوفيليا أنها إستغلال سافر من قبل البالغ الذي يقوم بتلبية رغباته الجنسية على حساب طفل لا حول له ولا قوة ولا يملك التمييز بعد أن ما يعانيه من فعل غيره ..

الأطفال بطبيعتهم يضعون ثقتهم في البالغين وهذا أمر غريزي وله أسباب تطورية
واستغلال هذه الثقة والإعتداء على أجسادهم لا يؤذيهم جسديا فقط بل ويؤذيهم نفسيا على المدى البعيد وغالبا ما يكون مدمرا لحياتهم ولأنهم أطفال ويضعون ثقتهم الغريزية هذه بالبالغين بشكل كبير يلقون باللوم على أنفسهم لعدم قدرتهم على فهم الموقف بوضوح بعد


ناهيك عن كونه جريمة ضد المفهوم الإنساني الذي يضع قيمة للإنسان ولا يختلف أبدا عن التعدي على الحقوق الإنسانية الأخرى مثل القتل أو الإغتصاب حتى لو لم تكن الضحية مدركة لألمها وموتها ولكنه قد يكون أسوأ أخلاقيا من الإعتداء على جسد مصاب بموت دماغي كونه تعدي من قوي على من هو ضعيف ومن المفروض أن تحمي الأخلاق والقيم الإنسانية القيمة الإنسانية للإنسان ولهذا أخلاقيا لا نقوم بالإسائة للجثث أو التمثيل بها . لأننا بذالك نعتدي على كامل القيمة الإنسانية للجنس البشري
الأمر لا يختلف كثيرا عن الإعتداء بالضرب على مشلول عاجز عن الدفاع عن نفسه غير أن المشلول قد يمتلك الوعي ليفهم أن هذا الإعتداء عليه ليس ذنبه هو وأنه لا يجب أن يضع اللوم على نفسه
الآن سأطرح سؤال غريب قد يستهجنه الكثيرون ..
ماذا لو كان الطفل يعي العملية الجنسية ويفهم أنه يلبي رغبة البالغ والطفل سعيد بهذا ولا يشعر بالألم الجسدي أو النفسي منه ؟ هل تبقى البيدوفيليا جريمة بهذه الطريقة ؟
الا يعتبر ذالك تدخلا بالعلاقة الشخصية بين البالغ والطفل من المجتمع ؟


 إجابتي هي نعم قد تعتبر في هذه الحالة تعدي من المجتمع على حرية الأفراد الممثلين بالبالغ والطفل الذين يمارسون الجنس بإرادة حرة ورغبة من الطرفين ..
ولكنه يبقى جريمة نكراء بحق القيم الإنسانية ., لأنه حتى لو حيدنا الأثر السلبي المتمثل بالأذى والألم الجسدي والنفسي يبقى هناك الإعتداء على قدسية الإنسان وفرض مستقبل معين على الطفل من خلال منحه مكتسبات شاذة عن المجتمع رغما عنه وتؤثر سلبا في قدرته على التعايش ضمن مجتمعه في المستقبل .. القيم الإنسانية المتحضرة ما تزال حديثة العهد في كوكب الأرض ولم تكن موجودة بشكلها الحالي قبل بضع مئات من السنين وهي رغم رقيها وقدسيتها والخير الذي تقدمه للجميع تبقى هشة ويتوجب علينا الدفاع عنها ليس لأنها خاطئة وتحتاج للحصانة التي لا تستحقها بل لأنها بالنهاية خيرة رغم هشاشتها وأثرها مهم لبقاء ورقي مجتمعاتنا الإنسانية .

الأمر في هذه الحالة لا يختلف عن تدريب الأطفال على حمل السلاح والقتل في الحروب .. الطفل قد يكون سعيدا بأنه يقترف جريمة أو لا يعي أنه يقترف جريمة ووقد لا يعاني من الأذى الجسدي والنفسي المترتب عليها ولكن يكون هذا إعتداء على الإنسان المتمثل بالطفل فتصبح القضية ليست فقط إعتداء على جسد ونفسية كائن ضعيف لا يستطيع الدفاع عن نفسه بل تحمل أيضا صفة الجريمة بحق الإنسانية والقيم الحضارية ككل . وهذا أمر قد يكون غير مدرك في المجتمعات والثقافات التي لا تعطي قيمة للإنسان والتي بشكل طبيعي لا ترى شيئ خاطء بالبيدوفيليا
لأن الإنسان بلا قيمة ولا يعتبر الإعتداء على القيمة الإنسانية شيئ سيئ
 

ولهذا أصدقائي يجب أن نضع هذا بعين الإعتبار وأن نفهم لماذا نحن ضد البيدوفيليا .
ليس لأنها فقط إعتداء سافر على جسد ونفسية طفل لا يستطيع الدفاع عن نفسه .. بل لأنها أيضا إعتداء على كل ما يمثلنا كجنس بشري حضاري أخلاقي نفخر بأن نكون جزء منه يمثلنا ونمثله.

الجمعة، 29 نوفمبر 2013

ثمن الخلود



قضى حياته في العمل على آلة تجمده لثلاثة آلاف عام لكي تمكنه من الوصول للمستقبل
فيصل إلى زمن يتمكن الطب والعلم فيه من جعله خالدا لا يموت .
كان مقتنعا أن التطور العلمي سيصل بالإنسان للخلود ولكنه لا يستطيع الإنتظار

فتح علينيه وهو يتأمل الضوء الأبيض المبهر في غرفة العمليات محاولا تذكر كيف دخل إلى الآلة
وإذ باثنين يدخلان عليه تبدوا عليهما علامات الشباب وذوق غريب بالملابس .

- أين أنا ؟
- أنت في المختبر العلمي .. لقد قمنا بإيقاف تجميدك .. لقد كنت مجمدا لمدة 3000 عام

علت وجهه المجعد إيتسامة رضى وسعادة ولكن عينيه لا تزالا ضعيفتين
فلم يستطع التمييز من يقف أمامه من منهما الرجل ومن من هما المرأة ..
حتى الصوت كان غريبا عليه ووجد صعوبة في تمييز هل هما ذكور أو إناث ..

- هل توصلتم إلى سر الخلود ..؟
- نعم .. نجح العلم في جعل الإنسان لا يموت .
- رائع .. هل تستطيعون جعلي خالدا ..؟
- نعم .. الإجراء ممكن ومتوفر ..
- رائع .. أخيرا سوف أعيش للأبد وأتزوج من إمرأة تنجب لي الكثير من الأطفال ..
- ماذا تعني بأمرأة وزواج .؟
إلتفت إليه زميله وقال له : يبدو أنه من الزمن الذي كان البشر فيه يتكاثرون جنسيا !

بدت علامات الحيرة تتشكل على وجهه الهرم فبادره الشخص الأول بالقول ..
- نحن لا نموت ولهذا لا نتكاثر ..
لقد ضمرت وظائفنا الجنسية البيولوجية منذ قرون بسبب عدم الحاجة لها  ..
في هذا الزمن لا يوجد ذكور وإناث .. إذا كنا خالدين لا معنى للتكاثر ..
وهذا ثمن بسيط جدا مقابل الخلود .

بعد دقائق من الصمت الغريب والحملقة في الهواء إندفع الرجل العجوز صارخا من النافذة ومات على الرصيف .

الأحد، 24 نوفمبر 2013

محاججة المفجر الإنتحاري ووهم المعرفة المطلقة


نحن نعيش في عالم يعاني من عدم تأقلمه مع التغير السريع في عالم التكنولوجيا والتي أصابتنا بما يسمى اليوم بالـ infobesity أو بتعبير أصح إنتاجنا لمعلومات أكبر بكثير مما نستطيع التعامل معه وبتسارع مضطرد .. مما فتح المجال أمام الكثير من الناس للوصول للمعلومات وتغيير مواقفهم .. باختصار هنا أتكلم عن بزوغ نجم الإلحاد والتزايد المتسارع لتحول الشباب إليه بعيدا عن أديانهم مما دفع أنصار الأديان إلى الخوض في مفاهيم ودفاعات لم تكن موجودة من ذي قبل ولم تذكر في الفلسفة القديمة أو أصول المحاججات الفاسدة ومنها أخص بالذكر محاججة واجهتني بضع مرات من خلال محاوراتي مع المدافعين عن الأديان وأطلقت عليها أسم “ محاججة المفجر الإنتحاري “

محاججة المفجر الإنتحاري

تعتمد هذه المحاججة كليا على إستخدام نزاهة الموقف العلمي وتواضعه أمام ما يجهل ضده متجاهلة أو جاهلة بالمبادء التي يقوم عليها المنهج العلمي تماما ليس بهدف إقناع الخصم بموقف المحاجج بل بهدف الوصول إلى أنه فقط مخطئ دون الوصول لأي نتيجة كنوع من الإنتصار الدونكيشوتي وهي تقوم على الشكل التالي :
تبدأ بسؤال الطرف الآخر ( المتبني للمنهج العلمي ) سؤال عن مدى يقينه من الواقع على شكل :

“ هل أنت متأكد أنك لا يمكن أن تكون مخطء حول ما تعتقده عن الوجود ؟”
هنا على الإنسان النزيه والصادق مع نفسه أن يقول بصدق :
نعم .. يمكن أن أكون مخطء فنحن لا يمكننا الجزم بشيئ إذا ما كنا نتكلم بشكل علمي.
وهنا يقوم المحاجج بتحويل ( لا نستطيع الجزم ) إلى ( نحن لا نعرف شيئ )
وتكون نتيجة المحاجج التالية : 
- لا يمكننا التأكد من وجودنا أو وجود أي شيئ بشكل مؤكد .. فكل شيئ يمكن أن يكون وهم أو خطأ حتى الواقع والوجود وعليه فإن موقفك ( من الدين أو الإله أو غيره ) هو موقف خاطئ لأنك لا يمكن أن تكون متأكدا منه .

قد يبدو للوهلة الأولى أن في المحاججة شيئ من الحقيقة وأنها مقنعة .. بالفعل .. إذا كنا لا نستطيع تأكيد وجودنا ما المانع من أن يكون كل شيئ مجرد وهم أو حلم أو شيئ لا نستطيع حتى تخيله وأن كل ما نعرّفه على أنه واقع هو لا شيئ وبالتالي لا نستطيع الحديث عن الحقيقة إلا من باب التعصب الأعمى أو الغرور .

لقد سميت هذه المحاججة باسم (محاججة المفجر الإنتحاري) كونها تنسف “ظاهريا فقط” محاججة الخصم كما أنها بنفس الوقت تنسف أي محاججة أو موقف يقدمها مقدم المحاججة , فهي عندما تنفي الواقع فإنها تنفي كل شيئ ناتج عن أو في هذا الواقع بما في ذالك المفاهيم والإفتراضات الدينية التي يتبناها مقدم المحاججة .
ولكن عليكم أن تدركو أن هذه النتيجة ظاهرية فقط بسبب تجاهل الأسس التي يبنى عليها المنهج العلمي والتي لا تقلل من قيمته وسأقوم بشرح لماذا .

ما يجهله الكثيرون أن المنهج العلمي يقوم على ثلاث إفتراضات أساسية
وهي إفتراضات غير قابلة للإختبار أو التأكيد . وهي كالتالي
1- إفتراض أن الكون أو الوجود موجود
2- إفتراض أننا نستطيع إكتساب معرفة عن هذا الكون والوجود وتكوين صورة عقلية له
3- أن الصورة العقلية التي لها قدرة تنبؤية أفضل من الصورة العقلية التي ليس لها قدرات تنبؤية


هذه الإفتراضات الثلاث التي لا يمكن إختبارها أو التأكد منها تجريبيا هي أساس المنهج العلمي كله وهي مصدر تواضع ونزاهة من يتبنى المنهج العلمي و مما يستحق التنويه له هو أنها أقل قدر ممكن من الإفتراضات الممكن تبنيها بدون الوقوع في تناقضات داخلية .

الصورة العقلية للواقع والواقع .

قد يتسائل أحدكم .. وماذا تعني بالصورة العقلية للواقع .. وهل تختلف عن الواقع ؟
هنا أقول أننا ككائنات عاقلة لا نتعامل مع الواقع بشكل مباشر بل نقوم ببناء صورة عقلية أو موديل للوجود في عقلنا ومن ثم نتعامل معها .
عندما ننظر لجسم ما ( ولنقل أنها كرة ) نحن لا نتعامل عقليا مع الكرة بل نتعامل مع الصورة الموجودة في عقلنا عن الكرة من مفاهيم وأفكار وصور وكلما كانت الصورة العقلية مطابقة للواقع كلما كانت ذات قدرة تنبؤية أكبر . عمليا لا يمكن للصورة العقلية أن تكون مطابقة 100% للواقع ففي المثال السابق لا يمكن أن تكون الكرة واقعيا كرة مطلقة كما في الصورة العقلية لها ..  لأننا هنا نهمل أن الذرات المكونة لها كنقاط سيكون بينها زوايا وبالتالي تنتفي الكروية على المقياس الذري , ولكن الصورة العقلية قريبة جدا من الواقع لدرجة أنها تؤخذ على أنها حقيقة تجاوزا . ومن هنا نميز أهمية الإفتراض الثالث حيث أننا لا نتعامل مع حقائق عقليا بل مع صور لهذا الواقع في عقولنا وبالتالي أقرب هذه الصور إلى الواقع هي أصلحها .. ولا يوجد طريقة أخرى لاختبار تقارب الصورة مع الواقع أفضل من إختبار الصورة تنبؤيا .

عندما وضع أول تصور لجزيئ الـ DNA  عام 1953 على يد جيمس واتسون و فرانسيس كريك و موريس ولكنز لم تكن نظريتهم مبنية على ملاحظة أو قياس مباشر بل عن طريق إختبار الصورة أو الموديل . اليوم إستطعنا بواسطة المجاهر الإلكترونية الدقيقة من تصوير ورؤية هذا الجزيئ الخلاب ولكن عندما وضعت النظرية وضعت على شكل تصور ومن ثم تم إختبار هذا التصور ومدى تطابقه مع الواقع عن طريق وضع تنبؤات إن صحت أثناء التجربة فإنها تثبت الصورة النظرية أو الموديل الذي وضعوه .
نستطيع قول المثل بالنسبة للصورة الذرية أو الموديل الذري الذي وضعه الفيزيائي نيلز بور عام 1913 والذي يعرف اليوم بموديل بور الذري حيث أنه عندما تم تقديمه لم يكن باستطاعة أحد مشاهدة الذرة أو قياسها ولكن لأن طريقة المنهج العلمي غير محدودة فقط بحواسنا الخمس نستطيع رسم صورة للواقع ومن ثم إختبار مدى قدراتها التنبؤية وبالتالي إختبار الصورة أو الموديل .. فالتي يكون لها قدرات تنبؤية أكبر نتبناها كحقيقة وصورة أكثر تطابقا للواقع .
ومن هنا نأتي بالإفتراض الثالث الذي يقول بأن الصورة العقلية التي لها قدرة تنبؤية أفضل من الصورة العقلية التي ليس لها قدرات تنبؤية .

إذن أين نحن من هذا كله وكيف يمكننا القبول بنمهج قائم على إفتراضات .؟
الجواب هو أنك لا يمكن أن تعيش حياة إدراكية بدون وضع الإفتراضات .. الإفتراضات هي الطريقة التي نستخدمها لرسم الصورة العقلية التي نستخدمها في إدراكنا للوجود ولكن هذا لا يعني أننا نستطيع إفتراض ما نشاء وقتما نشاء وعلينا أن نحرص على أن يكون لدينا أقل قدر ممكن من الإفتراضات والمتمثلة بالثلاثة المذكورة أعلاه .

الغريب أن المدافعين عن الموقف الديني يجدون أن وجود هذه الإفتراضات يطعن في قيمة المنهج العلمي متناسين أن كل ما لديهم هو إفتراضات إضافية غير مبررة وغير ذات قدرة تنبؤية تعتمد أساسا على هذه الإفتراضات الثلاث ..
بل والأغرب أنهم يظهرون غرورا كبيرا في التعامل مع إفتراضاتهم ويصفونها بأنها حقائق مطلقة .. هم يعرفون أن الله موجود .. ويعرفون بالتأكيد أن دينهم هو الدين الصحيح .. ولا يمكن أبدا أبدا أن يكونو مخطئين أو حتى يعترفوا بإمكانية قدرتهم على الخطأ . وبعد ذالك يأتي هؤلاء أنفسهم ليكلمونا عن النزاهة والأخلاقية في طرح المعلومات . 
وهنا أسأل .. متى قدمت أي إدعائات أو إفتراضات غيبية أو دينية أي قدرة تنبؤية أو نجحت في تأكيد نفسها تجريبيا ؟
وهل نحن في حاجة لوضع إفتراضات أساسية جديدة لا مبرر لوجودها ولا تخدم أي ضرورة ؟
هل قدم التفكير الغيبي والديني أي شيئ مقابل ما قدمه المنهج العلمي من حضارة وتكنولوجيا ومعارف ؟

المنهج العلمي يدرك أن تبنيه لهذه الإفتراضات الثلاث الأساسية دون القدرة على التأكد منها تجريبيا هو نوعا ما نقطة سوداء ضرورية . وأعتقد أن كل المتبنين للمنهج العلمي يجب أن يصلوا إلى السلام والتقبل بما يخص تبني هذه الإفتراضات , لأنه بدون إفتراضها لن يكون هناك علم أو وجود أو إدراك .. لن يكون هناك شيئ وسنهيم في وجود لسنا حتى متأكدين من وجوده ودون إمكانية لوجود العلم والمعرفة . وبرأيي أن إدراك هذا الواقع هو الذي يمنح العلم نزاهته وتواضعه وعدم تبنيه للمطلقيات في الأحكام .

الاثنين، 11 نوفمبر 2013

لماذا يندفع المؤمنون إلى محاولات تفسير إلحاد الملحد


كملحدين على الأنترنت من الطبيعي بعد مرور سنوات من الإطلاع والحوارات مع ذوي الأديان أن نصل إلى نوع من الخبرة في الرد وأن نبدأ بتوقع  ما سيقوله الطرف الآخر وقد تصل الحالة إلى تحكمنا بالحوار لأننا نعرف تماما ما هي الأوراق التي لدى الطرف الآخر ومتى وكيف سيلعبها .. بالنهاية ليس لديهم الكثير من الأوراق وكلها قديمة ومكررة .

ولكن أحب أن أسلط الضوء على الدوافع النفسية التي تدفع المؤمن إلى محاولة تفسير شرسة لدوافع إلحاد الملحدين على الرغم من أن هذا الموضوع قد لا يهمه أساسا . حيث أنني أرى أن السبب في هذا الإندفاع هو الرغبة القوية في التهرب من التفسير الحقيقي تماما كما يقوم المجرم بالإندفاع للشهادة في محضر الجريمة "ومساعدة" الشرطة في التحقيق حتى يبعد العيون عنه . ففي النهاية التفسير الصحيح والمنطقي يدينه . حيث أنه وببساطة “ الملحد غير قناعاته إعتمادا على وعي جديد أنتجته مكتسباته الثقافية واطلاعه على الأديان “ ولكن المؤمن يرى في هذا التفسير انتقاص منه .. كونه بدرك أنه لم يفكر بهذا الموضوع ولم يطلع بما فيه الكفاية على دينه الذي يؤمن به وبهذا يكون للإلحاد مصداقية كونه أتى نتيجة عن الإطلاع والثقافة والتفكير
كما أنه بأفضل السيناريوهات يضع الملحد في مستوى واحد مع المؤمن إذا ما إفترضنا أن كليهما وصل إلى قناعته من خلال التفكير والإطلاع ..  وهذا المستوى الواحد غير مقبول بتاتا لدى عقول من يؤمنون أنهم متفوقين على الآخرين لمجرد إيمانهم بقصة ما . فلا يمكن للمؤمن أن يقبل بأن يوضع على سوية واحدة مع أي معتقد مختلف ..
مما يجعل مجرد القبول أو حتى طرح إمكانية أن يكون الملحد مقتنعا ببساطة أمرا غير واردا لديهم ويجب تجنبه والتغطية عليه مهما كان الثمن 

وكون المؤمن بشكل عام لا يعنيه الوصول لتفسير صحيح لدوافع إلحاد الملحد وكل همه هو إبعاد الأعين عن التفسير الحقيقي فإنه يستخدم أوراقه ويرمي بأول الأشياء التي تخطر على باله والتي يعتبرها كفيلة وكافية لإقناع شخص بفكر ما من وجهة نظره .. أي يقوم بعملية إسقاط ويسقط على الملحد دوافعه هو وغيره من المؤمنين والتي جعلته وجعلتهم يعتقدون بصحة الدين .
وفيما يلي بعض من تلك الإسقاطات .

01 - الملحد ألحد بسبب أنه جاهل ومغيب .
هنا يقوم المؤمن بافتراض أن الملحد جاهل وأنه ملقن أو تابع بدون فكر أو إرادة حرة ويقرر ذالك من عنده دون أن يكون لديه أي دليل أو مبرر كونه يقوم بإلقاء ورمي إنعكاس واقع المؤمنين على الملحد ..  معظم المؤمنين يؤمنون لهذا السبب بالتحديد .. فالمجتمعات المتدينة جاهلة وعاطفية وغير مثقفة ومغيبة بالكامل .. وهذا ما هو إلا رمي إتهامام لا يمتلك المؤمن مبرر لافتراضها أساسا إلا بغية تفسير إلحاد الملحد بطريقة تغطي على السبب الحقيقي

02- الملحد مدفوع الأجر من جهات معادية للدين .
وهنا يقوم المؤمن بإسقاط فكرة الدعوة والتبشير المدفوعة الأجر من المؤسسات الدينية للطعن في غايات ونزاهة موقف الملحد ويفترض وجود مؤامرة غايتها نشر فكر الملحد على الرغم من أنه هو يمارس هذه المؤامرة بنفسه وبكل فخر. وليس لديه أي مشكلة في دعم أجندات هدفها حتى أذية مجتمعه بشكل صريح .

03- الملحد ألحد لأنه عانى من أزمة في حياته أو كردة فعل على الضغوط .

وهنا يسقط المؤمن تمسكه ولجوؤه للدين والإله في الحوادث والنكبات على الملحد حيث يفترض أن حادثة معزولة هي السبب في تغير موقف الإنسان من الإله وتركه للدين .. ولكنه يتناسى أنها أيضا سبب في تمسك ولجوء الناس للدين
الهدف من هذا التفسير هو التقليل من أهمية الموقف واعتباره موقف عاطفي غير حكيم ولا مبرر منطقيا وعقليا..
هنا يحاول المؤمن إسقاط حالته الخاصة حيث تتأثر علاقته بالله والتدين لنفس السبب وهو حدوث أمر جلل أو المعاناة من الغربة والاضطهاد. وبذالك يقوم بصورة غير مباشرة بالتعبير عن كون موقفه نابع من ردة فعل أيضا .

04- الملحد شرير وكاره للمجتمع ويريد تخريبه .
وهنا أيضا يسقد المؤمن كراهيته للمجتمع على الملحد ففي حين أن الملحد يتمتع بانتماء لوطنه أو فكره أو عرقه أو أي كان تتسم المجتمعات المتدينة بكراهيتها للمؤسسة الإجتماعية الحديثة على إعتبار أنها خطيئة وابتعاد عن النهج الديني ونجد ذالك في كل المجتمعات الدينية والتي تشكل طابور خامس في كل الدول التي تحتويهم وهم مستعدون للتحالف مع أعدى أعدائهم للنيل من سيادة القانون والدولة التي يرونها أثم وابتعاد عن النهج والشرائع الدينية من الإخوان إلى السلفيين إلى حزب الله إلى الجماعات المسيحية المتطرفة إلى المجتمعات المتدينة بالهند وباختصار أي توجه ديني أصولي يرفض الحداثة


05- الملحد ألحد لأنه يريد الإنغماس في الشهوات بدون رادع .
هنا يتجلى بوضوح الهوس الجنسي لأصحاب الأديان حيث يقومون بإسقاط رغباتهم وأحلامهم التي يتمنونها ويعيشونها ويتناسون أن أي كان يستطيع من خلال الدين القيام بأي شيئ فالدين لم يمنع شيئ بل قام باختصار بإضافة إجرائات وبيروقراطية لأي تلبية لرغبة تضمن بقاء الدين حاضرا وذو سلطة . بل ويتناسون أن كل الإتهامات التي يلقونها على الملحد هي أسمى غاياتهم وهي ما وعدهم إلههم بها في الجنة كجائزة مقابل الطاعة العمياء ..
أستطيع هنا وضع رأي بخذوذ الدين حيث أرى أنه وجد لا لكي يضع قوانين تنظم تلبية الرغبات بل وجد الدين لكي يكسر القواعد والقوانين الأخلاقية وإيجاد آليات ومبررات للقيام بهذا التجاوز على القيم الأخلاقية
على سبيل المثال تعدد الزوجات .. لا يوجد أي مجتمع بشري يبرر تعدد الزوجات إلا من خلال الدين . كما لا ننسى أن أشياء مثل إرضاع الكبير ونكاح الميت كلها لم تأتي إلا من رحم الدين .

06- الملحد مريض نفسيا .
طبعا هذا الإسقاط أشدها وضوحا فمن أكثر الأشياء وضوحا أن الملحد ليس هو من يقوم بالكلام مع والتضرع لرجل خفي يسكن السماء ولا هو يعتقد بوجود كائنات خفية مثل الجن والعفاريت والملائكة ترصد حركته وتتدخل في قدره ولا هو من يعتقد بوجود حياة أبدية بعد الموت وأشياء كثيرة مكانها الطبيعي قصص الأطفال الخيالية .. هنا يظهر جليا من هو المريض النفسي .

07- الملحد يريد أن ينكح أمه وأخته .
هنا يقوم المؤمن بإسقاط فكرة إنعدام القيم الأخلاقية على الملحد حيث يقول باختصار : “ أنا ما يمنعني عن نكاح أمي وأختي هو التحريم وبغياب التحريم والدين فإن هذا جائز كوني لا أمتلك أي قيم أخلاقية أصيلة "  وعليه يستنتج أن الملحد لا توجد له بوصلة أخلاقية إعتمادا على إسقاط نفسه وغياب البوصلة الأخلاقية لديه .. الأوامر والقواعد المفروضة من جهة خارجية ليست أخلاقا . والإنسان الذي  يجبر على سلوك ما  ضد رغباته لا يمكن أبدا إعتباره أخلاقي أو يمتلك بوصلة أخلاقية .

08- الملحد ألحد بسبب ضغط الأقران ولأنها تقليعة لا أكثر .
هنا يسقط المؤمن السبب الرئيسي في تدينه على الملحد حيث أن معظم المسلمين مسلمين لأنهم في مجتمع مسلم .. ومسيحيين لأنهم في مجتمع مسيحي أي أنهم يختارون دجنهم بحسب ما هو شائع بين الأقران مما يمنحهم قيمة اجتماعية وامتيازات 
ونستطيع ملاحظة حالة الإسقاط هنا عندما يفترض المؤمن أن الملحد ألحد لنفس الأسباب ويقوم بمحاولة إقناعه اعتمادا على هذا الافتراض .. حيث يدخلون لتجمع  ما للملحدين ويقصون عليهم كيف أنهم كانوا ملحدين وأنهم يتوبون الآن ويعودون إلى الله .. متوقعين أن هذا التكنيك قد يؤثر في ملحد باعتبار أنهم يتخيلون أن سبب إلحاده هو أن أصدقائه ملحدين أو أنه معجب بهذه الموضة الجديدة .



هذا طبعا غيض من فيض وأنا متأكد أن قائمة التفسيرات التي يستخدمها المؤمنون لتفسير إلحاد الملحد وإن كانت أطول بقليل مما ذكرته آنفا إلا أنها محدودة جدا والأهم أنها مهما طالت أو قصرت فمن المؤكد والذي يجب أن يكون لدى الجميع ثقة به أنها لن تحتوي على التفسير الحقيقي والصحيح .. لأن غاية التفسير لم تكن أبدا الوصول له

الثلاثاء، 18 ديسمبر 2012

أين سنذهب عندما نموت ؟

قصتي الجديدة .. نشرتها على مدونة الغراب الحكيم وأنشرها هنا لتعم الفائدة .
http://raventear.blogspot.com/2012/12/blog-post.html


كانت الليلة إستثنائية جدا ومليئة بالترقب .. تحلق فيها كل أفراد العائلة حول جهاز التلفاز في كل بيت حول العالم وتوقفت جميع المحطات لنقل الحدث والتعليق عليه حتى الشوارع التي خلت من الناس شهدت إزدحاما أمام واجهات محلات بيع الألكترونيات لمشاهدة اللقاء الفريد عالميا وتالريخيا.

مرت أسابيع قليلة منذ أن إنفجرت وسائل الإعلام بخبر مدوي عن عودة إنسان من الموت ..
نعم فقد عاد هذا الرجل الذي توفي بشكل طبيعي إلى الحياة بعد مرور أقل عام على دفنه ولا أحد يمتلك أي إجابة أو تفسير لما حدث

بعض الأوساط تبنت نظرية مؤامرة عالمية ومسرحية إعلامية لتوجيه الشعوب والسيطرة عليها من خلال الإعلام
وتوافق المتشككون والملحدون مع هذا الموقف - والذين تناقص عددهم بشكل واضح بعد ثبوت الحادثة بكل المقاييس -
ولم تقنع كل نظرياتهم عن أن هذه مجرد مسرحية هدفها جمع متبعين جدد لدين ما  أحدا فبالنهاية ..
الرجل الذي عاد من الموت لم ينبس ببنت شفة بعد ولم يدعي لا نبوة ولا ألوهية ولم يتحيز إلى دين دون غيره.

لا أحد يعرف شيئ بعد عن تفاصيل رحلته .. كل ما تم التأكد منه بالفعل هو أن المدعو شهيد راجان من الهند توفي بنوبة قلبية وقد تم  التأكد من ذالك وإصدار شهادة وفاة معتمدة في المستشفى المركزي في محافظته وتم دفنه بحسب الشعائر المسيحية لعائلته .. وقد تم التأكد من الأطباء والشهود .. الموضوع مؤكد لقد مات وبالفعل عاد إلى الحياة.

وبعد مرور تسع أشهر وأثناء منتصف الليل دفع رجل أشعث الشعر  باب مخفر الشرطة وارتمى على أرضه يصرخ وهو مغطى بالوحل والذهول والرعب على خلفية موسيقية من الرعد والمطر من خلفه : إنه حي..  إنه حي ..!
كان أحد لصوص القبور يحفر قبر شهيد راجان طمعا في سن ذهبية أو خاتم زواج ولكنه فوجئ بعيد فتح التابوت بالجثة تفتح عينيها الجافتين وتصرخ بصوت مدوي ..

لم يمضي وقت طويل حتى إجتمع أهل المدينة في رعب شديد حول القبر المفتوح كل يحمل سلاحا ويستذكر كل أفلام الرعب التي يستيقظ فيها الأموات ويلاحقون الأحياء ولم يحمي شهيد الذي ظل قابعا في تابوته صامتا فاغر العينين إلا بضع رجال من الشرطة إعتقدو أنه شخص آخر يقوم بمقلب ما .. منذ ذالك اليوم إسترجع شهيد حيوية جسمه حيث غذى المطر الهاطل ذالك اليوم عروقه وعادت الحياة لذالك الجسد المتهالك بالتدريج مع الرعاية الطبية التي قدمت من عدة جهات ومنظمات عالمية ..

في نفس الوقت إنشغلت كل وسائل الإعلام بهذه المعجزة وتسابق رجال الدين تارتا لإعلان نهاية العالم وتارة إلى الاحتفال بوصول المخلص الجديد وغلب على الرأي العام التركيز على الجانب الديني وانتشرت المناظرات الدينية والقنوات الدعوية والأديان الجديدة التي تمحورت حول هذا العائد الغامض .

تفتتح قناة تلفزيونية على كل شاشات التلفاز في الواجهة برنامجها بموسيقى حماسية وصور للرموز الدينية ويظهر المذيع بين عدة رجال يرتدون قبعات مضحكة.

- الحياة والبعث .. الله وإرادته الغامضة ويده التي تصنع المعجزات حتى في هذا العصر الحديث .
هل عاد زمن المعجزات ؟ .. هل يحاول الله التواصل مع البشر بعد هذا الصمت الطويل ؟ .. ولماذا اليوم بالذات .؟  وما هي الرسالة الجديدة التي يحملها لنا شهيد من العالم الآخر .. أسئلة كثيرة تحوم حول العالم وتحتاج إلى إجابة ومعنا في الستوديو مجموعة من الشيوخ ورجال الدين في محاولة لاستقراء الحدث.

- هذا كلام غير دقيق " يبدأ الشيخ بالكلام " هذا العبد الصالح لم يأتي برسالة جديدة فكلنا يعرف أن محمد كان آخر الانبياء والمرسلين من الله تعالى إلى بني البشر .. وما قدومه وبعثه إلا تأكيد على حقيقة هذه الرسالة.

- إن الحمد للرب والملكوت له .. " يقول مبعوث الفاتيكان " هذا دليل على صحة رسالة أبن الأنسان فقد تجلت معجزته في قيامة هذا العبد المسيحي الصالح ليثبت للجميع بطلان كل ما أتى من بعده من بدع وضلالات .

- يدخل الحاخام على الخط : هذا كلام فاسد .. فعودة هذا الإنسان إلى الحياة من البرزخ معجزة تعلن أنه المسيح المنتظر من بني إسرائيل ودليل على بطلان كل الأدعائات والأباطيل التي أتت بعدها .. لقد وصل مخلص اليهود أخيرا وسينعم شعب الله المختار بالعزة والعدالة الإلاهية من جديد .

- رفع رجل رابع بقبعة مضحكة مصنوعة من ورق الألمنيوم إصبعه وقال : لقد خسئتم جميعا .. كل أديانكم خرافات من العصر البرونزي وهذه هي أول معجزة حقيقية موثقة بالدليل وهي دليل على دين البعث الجديد الذي يحمله لنا النبي الحقيقي شهيد تبارك جثمانه الحي الطاهر.


لم يمض وقت طويل حتى بدا الضيوف في المشاجرة والعراك في ما بينهم والمعلق بينهم يتلقى نصيبه من اللكمات والصفعات محاولا تفريقهم عندما إنتقلت الصورة إلى مذيع آخر في جانب آخر من الأستوديو بحاجب مرفوع  ليعلن إنتقال البث لنقل المؤتمر الصحفي مع شهيد راجان وفي الخلفية يمكن بوضوح سماع الشتائم ورؤية تطائر بعض قطع الأثاث والقبعات المضحكة.

كانت القاعة كبيرة وفي الحضور عدد غفير من رؤساء الدول ورجال الأعمال ورجال الدين والبعثات العلمية بل وحتى الماسونيون كانو موجودين هناك وكان يجلس على الطاولة في المنتصف شهيد مطأطء الرأس و تبدو على ملامح وجهه الشاحب وعينيه الغائرتين ملامح الصدمة والرعب وأمامه ميكريفون منحني بتواضع وسكون .

تقدم أشهر مذيع برامج في العالم إليه بخجل وحذر :

- سيد شهيد راجان .. هل تستطيع إخبارنا عن العالم الآخر .. الجنة والنار والله والحساب ..؟

رفع شهيد عينيه ببطء ونظر إلى الحشود المترقبة وتغيرت نظرته إلى نظرة شفقة وسخرية وبعد مرور دقائق من الترقب تكلم للمرة الأولى منذ عودته للحياة

- تريدون معرفة ماذا يوجد بعد الموت ؟ .. حقا ؟
سأخبركم بما عرفت ورأيت .. في البداية صنع الله ثلاثة صناديق ملونة الكون و الجنة و النار ..
وكان يلعب لعبة غريبة .. كلما مات إنسان وخرج من صندوق الكون رمى الله النرد .. وعلى نتيجة النرد كان يقسم الناس بين صندوق الجنة الأخضر  وصندوق النار الأحمر ..
منذ ذالك الوقت كبر الله وترك ألعابه السخيفة وأصبحت الجنة والنار والكون منسية كصناديق قديمة مصفوفة فوق بعضها في سقيفة بيت مهجور ..


عم الصمت القاعة .. بل عم الصمت العالم كله لبضع دقائق مضت كأنها دهور .. وسأل المذيع مرة أخرى ..

- إذن .. إذن أين سنذهب عندما نموت ؟

- عندما يخرج الناس من صندوق الكون يسقطون في الصندوق الأحمر الذي تحته ..
كل من مات وسيموت سيذهب إلى الجحيم .. كلنا سنذهب إلى الجحيم .

الأحد، 18 نوفمبر 2012

الفجور الجنسي الحيواني عند الملحدين ..

 خواطر حول الملحد فريز

  ليلتنا فل النهاردة !

  بعد غياب طويل عن الكتابة أحببت أن أعود بموضووع لاذع بعض الشيئ وهو موضوع الفجور والشبق والإنحلال الأخلاقي والإنحطاط الحيواني الجنسي
أو ما يحاول المؤمنون  بشتى الأديان وصم الملحدين به من صفات وكأنها شيئ سيئ أو سلبي وبالمقابل يقومون بعد ذلك بحسد الملحد الذي تم وصفه بهذه الأوصاف.. أي حسده على الصورة التي ألصقوها به هم أنفسهم فيزيدون في شحن الكراهية له التي تنتج المزيد من الإتهامات بالفجور والجنس مرة أخرى وتستمر الدائرة المفرغة التي ليس للملحد المسكين أي علاقة بها .

العقل المؤمن الغيبي الذي لم يسائل ولم يعد النظر في ما ورثه من عادات و تقاليد شرقية و  النابعة من فكر بدائي غريزي أنتج لنا هذه الثقافة وهذا الدين يعاني من الكثير من الصفات التي تبعده باستمرار عن جوهره الإنساني
فالمسلمون على سبيل المثال يمجدون الفجور الجنسي لرمزهم المقدس محمد إبن عبد الله ( رغم نكرانهم لتسميته بفجور جنسي رغم وضوحه ) المتمثل بالمرور على تسع نساء في الليلة ونكاحهن واحدة تلو الأخرى بدون حتى إستحمام أو غسل ..هنا وبسبب تقديس المسلم لمحمد ليس لديه مانع من أن يعتبر هذا  الفجور شيئ عادي بل وأخلاقي ونظيف تماما .. فكل شيئ ممكن في سبيل بقائ مقدسه جميلا ..
ولكن هناك دوما طريقة سهلة وفعالة لاختبار المفاهيم الفاسدة والأحكام المريضة ..
وذالك بعزلها عن الموروث والأفكار المسبقة والبرمجة التي لا يستطيع المؤمن الهروب من أثرها .

لنقرأ سويا :

 حدثنا عبد الأعلى بن حماد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة وله يومئذ تسع نسوة

صحيح بخاري - كتاب النكاح - باب من طاف على نسائه في غسل واحد - حديث 4917
المصدر : goo.gl/O8uGr


 معقولة يتهمني هذا  الفاجر بقلة الحياء ..؟

وهنا نبدأ بافتراض شخصية مجردة إفتراضية ولنقل أن هناك ملحد أسمه فريز يقوم بزيارة سبعة نساء في الليلة الواحدة لممارسة الجنس معهن كلهن ولنقل أيضا أن هذا الفريز يقوم فقط بشطف أعضائه الجنسية بالماء من قارورة بلاستيكية بين كل نكاح والآخر ويتقافز من على ظهر واحدة إلى مؤخرة الأخرى ..

هنا أعتقد أنه ستبدأ علامات التقزز والرفض وربما الغضب بالظهور على وجه كل هؤلاء المقدسين للقصة الأولى
وسيلعنون فجور وسوقية وحيوانية وانحلال هذا الفريز الملحد الإفتراضي الموجود في الصورة الثانية مع أنها أرقى وأنظف بمراحل من الصورة الأولى

هذا جزء من التناقض الذي يلازم الفكر الغيبي والذي يتم ترقيعه من خلال إستخدام التسليم الأعمى لقيم متناقضة وذات عدة وجوه وتدعي ما ليس فيها ..
والمفارقة تكمن في أن هؤلاء الأفراد الذين يعانون من هذا التناقض أعلى الناس صوتا بالمفاخرة والإعتزاز وادعاء قيم مثل الحياء والعفة والطهارة والعذرية والأخلاق
بينمى يكفي حتى تكون هذه العينة نفسها بريئة من أي نوع من أنواع الإنسانية أن الأفراد المنتميين إليها يقبلون ويجدون من الطبيعي جدا أن يكون للذكر الواحد قطيع صغير من الإناث بل ويرون أنه من الحق  الطبيعي للذكر المسيطر على هذا القطيع التصرف بالأعضاء التاسلية لإناث القطيع كله
وفي نفس الوقت تجدونه أشد الناس هستيرية وانفعالا وفقدانا لأي سيطرة أمام موضوع الجنس باعتباره شيئ سيئ ومحرم وعيب ومحظور ومنافي للأخلاق والقيم والحياء الإنساني .


 
 فريز يهرش خصيتيه أثناء تدخينه لفة بانغو


هل هذا الموقف السلبي الذي قد يتحول إلى هستيري سببه بالفعل الإلتزام بكود أخلاقي ما ؟
لا أعتقد ذالك .. ولو كنا بالفعل نستطيع إطلاق تسمية كود أخلاقي على هذه المجموعة المتناقضة من القيم
فأنا أرى أنها لا ترتقي بالفرد لمرحلة الإنسانية بل تسقطه إلى الحيوانية والغريزية وتعيد تشكيل العلاقة بين الأفراد من إجتماعية إلى القطيعية ومن البناء والصانع إلى الصياد والمفترس.

ولكن بعيدا عن هذه المعمعة .. ما هو موقف الملحد من كل هذا ؟
هل هو  بعيد هن هذه التناقضات .. أم أنه أيضا يحمل معه رواسب هذه الثقافة .. ؟
أم لعل الغرائز والممارسات الجنسية والحاجات الهرمونية جزء لا يتجزأ من جانبنا الغريزي الحيواني الذي يروق لنا غالبا التنكر له بغية الإحتفال أكثر بإنسانيتنا ؟

أيا كانت الإجابة فيكفي أن الملحد يضع موروثه وأحكامه في الميزان وفي بقعة الضوء لتكون محط المسائلة والموازنة الأخلاقية على الدوام دون الخوف من تغييرها أو التردد بالقيام بذلك إذا ما اقتنع أنها فاسدة ..
وأعتقد شخصيا أن رفض معظم الملحدين للفجور أو التعدد (لا أعمم) نابع من إعتبار الممارسة الجنسية بدون ضوابط أخلاقية ومسؤولية وعاطفة تفقد الجنس قيمته الإنسانية وتؤدي إلى زوال أي لذة فيه..

والآن إلى النقطة الثانية ..

هل حقا المؤمنون بوجود الجنة والنار و العقاب والثواب منزهون عن هذه الكينونة السلوكية التي يكرهون حتى حدود الهستيريا ..
أم أنهم منغمسون فيها أكثر من أي شخص آخر ولكن بشكل و حالة مرضية تبعا لقانون ( كل ممنوع مرغوب ) بالإضافة لعدم وجود مسؤولية فردية نابعة من الذات . فما يوجههم بالنهاية هي الجزرة والعصى .. الثواب والعقاب  ..

  يا رب تتحرقوا كلوكو بنار جهنم  . بوظتوا المزة !


أعتقد أن للقضية هنا بعدا آخر ..
حيث أنه يجب علينا البحث في لماذا هذه الأمور على الرغم من كونها طبيعية وجزء لا يتجزأ من بنائنا الأساسي البيولوجي  . لماذا هي محرمة وممنوعة أساسا ؟
و من هو أول من منعها وحرمها ولأي سبب يا ترى .. وما هي السلطة التي إنطلق منها في فرض هذا  المنع والتحريم ؟

أعتقد أن التصريح التالي يشرح ذالك  ..

رجل الدين : إفعل ما أقوله لك وآمن به وصدقني واتبعني وستحصل على ما لا تستطيع حتى تخيله من الشهوات .. وإذا رفضت أو حاولت الوصول لهذه الشهوات بدون أذني أو تدخلي كوسيط  فإنك ستحترف وتتألم إلى الأبد ..
صحيح .. نسيت أن أخبرك .. أن كل هذه الوعود والتهديدات مؤجلة إلى ما بعد الموت حيث يمكنك مراجعتي في المكان الذي وصفته لك من خيالي .

والخلاصة التي أريد أن أختم بها هي
أن المؤمن .. والمسلم خصوصا وعلى الأغلب ( لا أعمم هنا أيضا ) ينظر للجنس على أنه خطيئة قذرة وفي نفس الوقت حلم وغاية مطلقة .. فهو يعاني من التناقض الذي يسير حياته ويرسمها , ويضمن إقحام رجل الدين في كل شيئ في حياته ويفرض ويبقي ويثبت سلطته عليها حتى أخص الخصوصيات الفردية.

الكلام داه  حرآم .. بقلك حرآآآآم ..!

وهنا أحب طرح سؤال ..
هل ممارسة التكاثر بين كائنين عضويين عديدي الخلايا ومشاركة السوائل البيولوجية والبروتينية فيما بينهم تحتاج  لكل هذا اللغط والمرج والإنفعال والجهد والحدة والصوت العالي وربما القتل رميا بالحجارة أو برصاصة قاتل تحت مسمى الشرف ..؟

أعتقد نعم ..
وخصوصا عندما تتحول الرغبات الغريزية والممارسات البيولوجية الطبيعية إلى وسيلة سيطرة وبرمجة وتستخدم كجزرة وعصى .. وشي يا حمار ..!

سلام

الأحد، 16 سبتمبر 2012

الربيع العربي الجديد .. برافو عرب

مبروك ربيعكم مبروك ..


لقد نجحت الثورات العارمة التي أدت إلى الكوارث في الوطن العربي في كسر صمتي والعودة للتدوين .. ليس كنوع من التعبير بل كنوع من التوثيق لأفكاري حتى أعود إليها بعد حين وأتمنى أن أكون خاطئا هذه المرة أيضا


الأحداث الأخيرة وليس إبتدائا بمقتل السفير الأمريكي في ليبيا الذي كان يدافع عن الليبيين وحقهم في الحياة أكثر من أي ليبي وليس إنتهائا بحرق وتخريب السفارات الأجنبية في الدول العربية على خلفية فلم هابط للسخرية من رموز المسلمين ومعتقداتهم وما يتبع ذالك من أمور .. كل ذالك سيقود لشيئ واحد فقط ..

ستتحول السفارة الأجنبية في الدولة العربية إلىقطع عسكرية متعددة وسيستبدل السفراء بضباط الجيش الذين يملون على الحكومات العربية كيف تتصرف وسيتم تقسيم الكيكة من جديد وسنبدأ عصرا جديدا من الإستعمار ..
برافو يا عرب ..


شخصيا وبعد قناعتي أن هذه الشعوب لا تستحق الحرية ليس لدي مشكلة مع هذه الثورات المدمرة بالعكس أتمنى أن تزيد ويزيد عدد ضحاياها ويزيد الرصيد من الخراب والسفارات المحروقة ..
فبالنهاية الشعوب العربية هي التي تدفع الفاتورة من قوت أطفالهم وزجاجة الدواء التي باتوا يحلمون بهاوفرصة التعليم الفاشل الذي لا يضمن الحد الأدنى من المستقبل .. ما أتمناه بالفعل هو أن تبدأ السفارات باستخدام الرصاص الحي وتحقيق أمنية المتظاهرين بالشهادة

فقد أصبحنا في وضع يجب تطبيق إصطفاء طبيعي ما على العرب .. فدوما كان هناك تاريخيا من يصفي أصحاب الصوت العالي والأثر المدمر ( وغير المدمر ) وتوقف الموضوع مع إنتهاء عصر الإستعمار ومن بعده عصر الدكتاتوريات .. ونحن بحاجة ماسة لمن يسرج هذه الشعوب الفلتانة ويضع على أفواهها المفتوحة على مصرعيها بالصراخ رسن مناسب ويركبها من جديد ..

يجب كسر هذا الراس القاسي .. في العراق نجح الأمر ولكن أمريكا لا تريد الإستقرار والرفاه للعراق لأنهم إذا كانوا أقوياء وتوحدين وليسو جائعين أو جهلة فإنهم سينقلبون عليها وسيفتحون فواتير قديمة من ماركة أبو غريب والحصار والحرب .. لذا أبقو على رجال الدين وأثرهم الذي نجح في تقسيم العراقيين وإبقائهم متقاتلين بين بعضهم جائعين متخلفين وتابعين لشيوخ الجهل والدجل .. يجب أن يأتي الآن من يركب على ظهورنا من جديد فنحن خلقنا لكي نركب فقط


الفرق الرأيسي بين عصر الإستعمار السابق والحالي هو أن هذا العصر الجديد سيكون عصر إحتلال لا إستعمار
وعصر نهب ثروت وتحويل البلدان العربية إلى سوق تصريف للبضائع الأجنبية الغالية التي سينتجها العرب نفسهم كعمالة رخيصة .. لن يكون هناك من يؤسس لبنى تحتية كالبريطانيين ولا لمن يؤسس التعليم والطباعة والقانون كما الفرنسيين .. بل سيكون إحتلال بنكهة رقائق الذرة والهامبرغر الأمريكية الصافية
ليس لديها أيديولوجيا وأسس إستعمارية بل منهج للإستهلاك فقط

فهنيئا لكم ما اقترفت يداكم يا عرب وهنيئا لكم الربيع العربي

سلام