الأربعاء، 17 ديسمبر 2008

فرط الحساسية عند المسلمين

.

يجلس على عتبة بيته يحمل بندقية بمخزن مليئ بالرصاص لا يتوانا عن إستعمالها لمجرد التسلية حيث تمتد لحيته العظيمة لتغطي الأرض والساحة وحتى الأزقة والحارات المجاورة يتربص بالمارة الذين إن وطأو بقصد أو بغير قصد على اللحية التي لم تترك مكانا ً على الأرض كان نصيبهم بضعة طلقات من بندقيته وهو يكبر ويشتم ويلعن على هذا الإعتداء السافر على حرمة لحيته العظيمة


هذه ليست قصة خيالية ..
إنها تحدث كل يوم في عالمنا و من تجلياتها أحداث مسيرات المسلمين في بريطانيا حيث ترى المظاهرات والمسيرات التي تندد وتلعن الغرب الكافر بل و تمجد العمليات الإرهابية التي راح ضحيتها مئات الأبرياء وتحرض وتهدد الحكومة بالمزيد من التفجيرات في قلب أوروبا بل وأكثر من ذالك حيث يمكن أن نشهد الإعتداء والتدمير والإحراق للكنائس و حتى القتل لأشخاص أبرياء كل ذنبهم أنهم كانو في الزمان والمكان الخطأ
في صورة غريبة تجمع بين قمة تسامح الغرب وقمة نكران الجميل والخيانة من المهاجرين المسلمين الذين إستوطنو المملكة المتحدة

يقولون أن كل ذالك يأتي كرد فعل .. ولكن لماذا ..؟
وهل يطالب المسلمون بمعاملتهم بالمثل حقا ً أم يطالبون بإمتيازات خاصة ..؟

طبعا ً لا فالمسلمون يطالبون باحترامهم بينما يقومون باستحقار الآخر ويتظاهرون إحتجاجا ً على على حق الآخر بالتعبير أي أنهم يستخدمون الحرية لمحاربة الحرية ويستخدمون العدالة الإجتماعية لمحاربة العدالة
فمن المفهوم العام للإسلام , الآخر لا يستحق الوجود إلا ككرم أخلاق وصدقة تقدم للعدالة والحرية بينما واقعا ً لن يتوانا المجتمع الإسلامي عن تجريد الإنسان من كل حقوقه بالحياة ببصاطة أن هو أراد ذالك


ودعوني أذكر حادثة شخصية حدثت معي وأعتقد أن أي ملحد منفتح قد يجد نفسه في نفس الموقف
حيث بدأت القصة أثناء تواجدي في المصعد مع صديق وجار عزيز مسلم ومؤمن , أكن له الإحترام لأخلاقه العالية

حيث قال : أطلب من الله يعطيك ..
فرددت عليه وأنا أغادر المصعد : أنا لا أطلب من أحد .. أنا أكبر من أن أطلب ..

كانت كلماتي تعنيني شخصيا ً ومع ذالك كانت كفيلة في جعله لا ينام الليل من إحساسه بالإهانة من طرفي حيث أنه وبحسب ما قال في لقاء لاحق أنني تطاولت على الله ورسوله بل وأهنته شخصيا ً بكلامي
إعتذرت منه وأكدت له أنني كنت أتكلم عن نفسي ولم أفرض عليه أو أأمره أو أصفه بشيء ولكنه قال أن مجرد التعبير عن رأيي يعتبر إهانة له وطلب مني الإحتفاظ بأفكاري لنفسي حتى لا أكون متهجما ً عليه وعلى مقدساته
هززت رأسي بالإيجاب إتقاء ً لشر كان يلوح في الأفق وذهب كل منا إلى عمله بسلام


ولكن ما كان محيرا ً هو كيف ينكر أنسان حق إنسان آخر ويرتضيه لنفسه بل ويضعه واجبا ً
كيف لا يحق لي أن أشعر بالإهانة عند دعوته وإلحاحه علي و نصحه بل وأمره وتخويفه و المحاضرات التي يلقيها عن كفري ومعصيتي وعقابي وموتي و بالمقابل يشعر هو بالإهانة لمجرد أني تكلمت عن شيئ خاص لم يمسسه لا من قريب ولا من بعيد

إن طبقنا وجهة نظره من طرف ملحد لوجب أن أقاضي المساجد لأنها تكبر بالأذان ولأنه يهينني شخصيا ً
ووجب عدم ذكر الله في الحديث العام لأنه يجرح شعوري واعتبره هجوما ً شرسا ً على حقي في الحياة
ولطالبت بمنع تدريس أي مادة تحتوي القرآن أو الإنجيل باعتبارهما متناقضين مع العلم الحديث
ولحق لي أن أعتدي بالضرب على كل محجبة أو منقبة لا يتوافق مظهرها مع ذوقي الشخصي
وإعتبارها صاقطة عاهرة لأن مشيتها لم تعجبني


قد تبدو هذه المفارقة مضحكة لكثرة مبالغة فيها ولكن لو أننا أتينا للواقع لوجدنا أن الدين الإسلامي يقوم بالفعل بتلك الأمور بالهجوم والتكفير والشتم والإتهام بكل الفظائع للآخر الغافل عن طبيعة المؤامرة التي تحاك ضده ويأتيك الإعتراض والتظاهر والشجب من نفس الجهة التي تقوم بأفعال أشنع وأكثر مكرا ً وعنصرية من التي تعترض عليها تماما كما صديقي الذي أعزه و أحترمه وأحترم دينه يقوم بالتكفير والهجوم والمحاكمة والحكم بجواز وخطأ الأفعال والقرارات الشخصية
بالمقابل يعتبر مجرد التعبير عن شيء شخصي إهانة وهجوم عليه وعلى دينه

بالمثل نشترك كلنا باعتبار الدوس على اللحية إهانة وأذى
ولكن في حالتنا هذه نحن لا نستطيع الخروج من البيت وهناك من لن يتردد في إطلاق النار علينا لمجرد ظنه واعتقاده بإمكانية دوسنا على لحيته التي تغطي الشوارع ...
أعتقد أنه وجب الإتصال بحلاق ليأتي راكبا ً دبابة على عجل ... ويحل أزمة هذه اللحية إلى الأبد ..
.
وأخيرا ً .. أتمنى أن تعجبكم رسوماتي ..
سلام ..
.

السبت، 6 ديسمبر 2008

أين الإسلام الحقيقي ..؟

.

أتذكر قولا ً قاله لي أبي ولايزال عالقا ً برأسي فأبي من النوع الذي يتفلسف كثيرا ً ويـبدو أنني ورثت عنه هذه الصفة
كان يقول لي : ( عليك أن تضع في بالك ثلاثة أشياء ... ما هو كائن .. وما يجب أن يكون .. وما يمكن أن يكون ..) ومازالت كلماته عونا ً لي في حياتي وله الفضل الأول والأخير في ما أنا عليه اليوم وإليه أهدي هذه المقالة ..

الإسلام كدين لا يختلف عن أي دين آخر فهو مكون من نفس العناصر الرأيسية لأي معتقد من فلسفات و غيبيات إلى قواعد أخلاقية إلى طقوس دينية والتزامات مادية .. كلها موجودة في جميع الديانات الأرضية وهنا أستـثـني الفضائية فليس لنا علم بما يعبد شعب الصحون الطائرة


ولكن الدين بطبيعته مأخوذ من نصوص وقصص قديمة نابعة من بشر إدعو إرتباطهم بكينونة سرمدية ما ..
والزمن لا يصل عند عقد ٍ من الزمن ويتوقف فالزمن يستمر والناس تموت ويولد جيل جديد يرث هذه المعارف والعلوم وقد يشكك بها ويعدلها أو يكتشف الجديد مما يطورها أو يضحدها وبذالك تختلف وتتطور العقلية والفهم لهذا العالم



بالنسبة للدين والمعتقد الغيبي فإن له نصوص محمية من التطوير بحجة أنها كاملة مع أن جميع المكتشفات والفلسفات الحديثة تقف ساخرة من أساس فكرة الدين
وهذا التفاوت في المفاهيم قد يرجع إلى " أفعال مغالية " ناتجة عن التعصب الديني لما هو صواب ( بمعتقدهم ) وبين الفهم العام للأخلاق والمنطق عند العامة .. وهنا وعند طرح أي موضوع يفضح تخلف الفكر الديني وطقوسه وفلسفته على أرض الواقع تجد دائما ً من يقفز من الزاوية ليقول : (ولكن ذالك ليس هو الدين الحقيقي ..المشكلة في المؤمنين بالدين وليس في ذات الدين )



وهنا أعود لمقولة أبي : ( كل شيئ يقيم بثلاث أمور .. ما هو كائن .. وما يجب أن يكون .. وما يمكن أن يكون )
حيث لا يمكن إستبعاد أي عنصر من هذه العناصر الثلاث عند تقييم أي فلسفة أو مذهب أو حتى قانون ونظام مجتمعي
بل ويمكن تطبيقها على محاكمة الناس وتقييمهم لمعرفة من الأصلح ومن الأطلح

ولكي يفهم كلامي أكثر سأقوم بطرح مثال صغير وهو الإتحاد السوفييتي السابق تحت النظام الشيوعي البائد

كان ذالك النظام فاشلا ً بسبب إنتشار الفساد من الداخل أي فساد إحدى عناصره الثلاث المهمة وهو ( ما يمكن أن يكون )
حيث إن نظرنا إلى ( ما يجب أن يكون : النظرية والأساس الفكري ) لوجدنا أنها قمة في ما يصبو له الإنسان من عدل وتعايش فلا إقطاعية ولا ظلم طبقي ولا إحتكار بورجوازي ولا أي نوع من الظلم الإجتماعي .. وكأنه حلم أن نعيش تحت قواعد النظام الشيوعي حيث الدولة كمؤسسة تقوم بتوزيع العمل كل حسب طاقته وتوزع الموارد والثروات لكل حسب حاجته بدون تمييز العرق والدين والعائلة والطائفة ..


ولكن ماذا حدث .. لم يكن هناك طريقة لوصل العنصر الأول (ما هو كائن : أرض الواقع ) بالعنصر الثاني ( ما يجب أن يكون : النظرية )
حيث أن العنصر الثالث يمثل ما يمكن أن ننجزه ونصنعه لنرتقي بأرض الواقع وما هو موجود بين يدينا من عناصر البيئة والثقافة والمجتمع إلى نقطة نكون بها أقرب إلى النظرية المأخوذة كنقطة علام ليس إلا لترشدنا إلى الوجهة الصحيحة
فبالنهاية النظرية مفهوم مطلق ولا يمكن الوصول إليه تماما ً كما أن العدالة مفهوم مطلق ولا يمكن أن نصل إلى العدالة التامة أبدا ً

وهنا دعونا نصقط النظرية السابقة على الدين الإسلامي
فالدين يدعي وصوله المسبق لـ ( ما يجب أن يكون : المفاهيم المطلقة ) وعند إرتطامه بأرض الواقع و ( ما هو كائن ) يعترض على وصف الإسلام بالعنصرية وهدر حقوق المرأة والتخلف الأخلاقي حيث أنه لا يعترف بكل إنعكاسات الواقع المعاش كدليل لتقييم الدين ويقفز إلى الإستشهاد بـ ( ما يجب أن يكون ) النظريات المطلقة التي لا يمكن أن تتحقق الواجب أن تكون نقطة علام تدل على الطريق ليس إلا متناسين وناكرين للواقع بأنهم لم يغيروا موقعهم منذ 1400 سنة إلا بالإكراه وبتطرو الأحداث من حولهم ..


الغريب أنه لا يتم الوقوف و التفكير في ( ما يمكن أن يكون ) وما يمكن أن نفعل لنرتقي بالإسلام والدين باتجاه النظرية المطلقة وذالك نابع من الأعتقاد بأن الدين الإسلامي كامل من عند الله ولا يحتاج إلى تطوير وبالتالي يقوم المؤمنون بكسر رجل الإسلام الأعرج أصلا ً ويمنعوه من اللحاق بالركب الحضاري فترى حال المسلمين يتراوح بين من ينسلخ عن زمنه ويعود للسلفية و ينسى الركب الحضاري ويفضل البقاء في الزمن الغابر و منهم من يترك الدين خلفه ولكن يبقى مرتبطا ً به شكليا ً للتقية وليضمن بعضا ً من الأمان في المجتمع

ومنهم من يرمي عن كاهله هذا الحمل الثقيل ويمشي مسرعا ً باتجاه شروق شمس جديد ..

الى ( ج.ع ) رمز للصمود و القوة ..


أنقل لكم اليوم قصة صديقة عزيزة تربطني بها روابط عديدة من فكر ولغة ومعتقد
أسيرة في عالم النسيان والتغييب , عالمنا العربي الذي إن صح وصفه وصف بحفرة من الألم واليأس
تلك البطلة ج.ع ( وذاك أقل ما يمكن أن يقال في حقها ) كانت ولا تزال تناضل ضد عائلتها ومجتمعها وقانون بلدها الفاسد

وما تزال مقاومة رغم كل الصعوبات التي إن وقعت على غيرها لانتحرت منذ زمن بعيد ولألقيت التهمة على أي شيئ عدى الأهل والمجتمع الذي ما يزال هناك من يصفق لأمجاده الكرتونية

من أب غاضب يعتدي عليها بالضرب بدون سبب إلى أخ متدين بلحية إلى الأرض إلى أم لا يهمها إن ماتت أو عاشت ابنتها وجدت تلك الصديقة المناضلة نفسها في سجن إستطاعت بعد نضال وقروح وكدمات وأخيرا بعض العظام المكسورة أن تجبرهم على أن يتقبلو عملها وخروجها من المنزل وما زالت تعاني إلى اليوم من هذه الضغوطات رغم حالتها الجسدية المتعثرة

قصت لي قصصا ً خرافية عن محاولاتها للهرب وكيف أن أهلها قامو باستخدام صلطتهم وأموالهم أكثر من مرة لرشوة الشرطة والقضاء لإعادتها من شعرها إلى سجنها الصغير البارد المليئ بالألم الذي حتى لا يجوز أن تنعزل فيه مغلقة باب غرفتها

قالت لي أنها ترتدي الحجاب فلما سألتها عن السبب وأنا أعرف توجهها الفكري وعقلها الراجح
قالت بأنها أجبرت عليه..

سألت مستفسرا ً : بالضرب والترهيب ؟
فأنا أعرف كم هي قوية ولن يؤثر ذالك فيها ولن يجعلها ترضخ لهكذا حكم من أب غاضب وأخ متدين لا يقصر في ضربها

فقالت : طبعا ليست هذه هي الأسباب بل لأن السابق ذكرهما استفتيا شيخا ً بمسألة عقوق إبنتهما وكيف يمكن إصلاحها وإعادتها للدين القويم ..

فما كان من الشيخ الفاضل إلا أن أشار عليهما بحلاقة شعرها غصبا ً وهذا ما حصل حيث تكاثر عليها أبوها وأخوها وقاما بقص شعرها بمقص بعد ربطها الى الكرسي ومن ثم حلاقة كامل رأسها بالشفرة
ومنذ ذالك اليوم وهي ترتدي الحجاب ...

وفوق كل ذالك فكرت مليا ً بأن تخلعه وصط الشارع وتمشي حليقة الرأس ولكن ماذا كانت ستثبت .. فالمجتمع مغيب وقذر ولن يقف في صف إمرأة لو انطبقت السماء على الأرض
حيث قالت لي ج.ع : ( سيقول الناس الله أعلم ما الذنب والجريمة التي إقترفتها هذه البنت حتى قام أهلها بهذا الفعل ..!.. طبعا إنها تستحق هذا ..! )
قد يصيبكم الذهول مما تقرأون ولكن من يسمع عن قصص الناس وكم أننا صرنا أشبه بوحوش تترفع عنها كلاب الشوارع سيتفهم .. ويتألم .. ولكن هل يكفي ذالك .. وهل قام الخوف من المجتمع والناس باستئصال ما بقي من عقلنا ونخوتنا وميزان الحق والعدل فينا ..

كم سيكون رائعا ً لو أننا استطعنا تغيير هذا الواقع البشع من حولنا بدل التأثر و شتم كل ما يعبر عن إنتمائنا و تخلفنا
كم سيكون رائعا ً لو أننا أشعلنا شمعة بدل أن نلعن الظلام مئة مرة ..

ألا تتمنون ذالك.. ؟