الخميس، 29 يناير 2009

هل الإنتقام عدالة ..وهل الغاية تبرر الوسيلة ؟

.

العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم ..نصوص قانون حمورابي التي تم اعتمادها منذ أكثر من ألف وسبعمائة وثمانون سنة قبل الميلاد في زمن كان به الإنسان يخطو خطاه الأولى لبناء وعي إجتماعي وحضاري حيث كانت الأخلاق هي ما يحدده الملك والزعيم حتى لو كانت قمة في أذى الآخر عندمى كان الإختلاف بالرأي كافيا ليحكم على أحد أطرافه بالموت
عندمى كان متوصط عمر الإنسان لا يتجاوز الأربعين سنة لانتشار المرض والحروب

نعم لقد كانت هذه القوانين الأولى تاريخيا وخطوة جبارة في نشوء الفكر المؤسسي القانوني في بلاد الرافدين والحضارات القديمة ولكن وكما نعرف فإن المفاهيم الأخلاقية والقانونية وباختصار العدالة لم تبقى على حالها عبر هذا الزمن بل نمت مع وعي الإنسان وخبراته

منذ عدة مئات من السنين كان من الطبيعي أن ينزل رجل إلى السوق ويشتري من عند النخاس إنسانا عبدا يصبح ملكيته الخاصة يفعل به ما يشاء بمجرد دفع مقدار من المال لشخص آخر
بل وكان ذالك من الطبيعي جدا


ونعود إلى الستينات من القرن المنصرم حيث أن حقوق المرأة آن ذاك كانت كما هي اليوم في بعض المجتمعات العربية وكان ذالك في الولايات المتحدة .فلم يكن يحق لها الإنتخاب أو طلب التعليم العالي أو أن تشارك بأي فعالية بدون موافقة ولي أمرها لأن مكانها هو بيت الزوجية ولكن الوعي الأخلاقي النامي مع نمو الخبرات قاد إلى مجتمع يعتمد المساواة بين الجنسين بعد مظاهرات منددة بعدم المساواة بين الجنسين بالحقوق والمسؤوليات والميزات والتي امتازت بصور حرق الصدريات في مظاهرات نسائية سلمية في ذالك الوقت

واليوم ييزداد وعينا لحقوق البشر فبات الحديث عن عقاب الشواذ على شذوذهم يبدو أمرا مستهجنا وقبيحا مثل القوانين التي تميز بين البشر على أساس عرقي أو مذهبي ومازال المسير متقدما فقريبا سيزداد عدد الدول التي تمنع عقوبة الإعدام وتستبدلها بأحكام أكثر إنسانية وعدلا


ولكن نجد من الناس من يأخذ موقفا عاطفيا من كل هذا فيفضل ردة الفعل العاطفية على العدالة وما
أبعدهما عن بعض ونأخذ مثالا بات يؤرقني مؤخرا وهو القضية الفلسطينيية

هل حقا نريد العدالة في قضيتنا أم نريد الإنتقام من شعب كامل
قد يقفز البعض للقول بأن الإسرائيليين قتلو ودمرو وفعلو ولكن هل قتلهم أو قتل أي إنسان يعيد ما خسرناه
أم هي الرغبة في تدميرهم النابعة من الكراهية ولا تمت للعدالة بصلة

وماذا عن الأبرياء منهم وماذا عن أربعة أجيال على الأقل ولدت بهذه الأرض ولا يعرفون غيرها وطنا ..
هل نحملهم خطايا أجدادهم ونرميهم في البحر أو نجبرهم على الهجرة من وطنهم بحجة أن أجدادهم فعلو هذا بأجدادنا ..
بماذا نختلف عن المجرمين الذين إغتصبو حقوقنا وآذونا
لا شيئ .. إن نحن أعتمدنا سياسة الكراهية والإنتقام وتركنا الحكم لعواطفنا المتسرعة دون نظر إلى الأذى الذي سنتركه خلفنا لن نختلف عن الصهاينة في شيء بل وأزيد بأننا إذ نذعن للكراهية ننحط بقيمنا ونتدنى بأخلاقنا إلى ما هو أسوأ

تلك هي سياسة العين بالعين والسن بالسن والتي كانت في ما مضى قانونا حكيما ومقدسا يرتكز على الحياد والمساواة بين جميع طبقات الشعب ولكن باعتماده مفهوم الإنتقام بدلا عن العدالة وكان ذالك مفهوما بالنسبة لذالك العصر حيث أننا إذا ما قارنا إنسان ذالك الزمان بفهمنا وأخلاقنا اليوم فسيبدو كوحش يفعل ما يشاء دون اعتبار لأخيه الإنسان


إذا حقا أردنا العدل لقضيتنا علينا أن نفهم أن الأنتقام لايمكن أن يكون جزأ من الحل
وعليه وجب التعامل مع العدو كإنسان ولكن يبقى عدوا ولنا معه حقوق ...

سلام

الأربعاء، 21 يناير 2009

لماذا نلجأ إلى الحقد كحل ؟

.


بعد هدوء الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وتوقف الموت ولو لإجازة قصيرة أعتقد أننا يجب أن نطرح بعض التساؤلات

إلى متى ؟

ولماذا ؟ وماذا نريد ؟

لقد تم بيع وشراء القضية الفلسطينية آلاف المرات إلى الآن , وكانت الحملات الدعائية مهينة جدا في جميع الصحف والتلفزات لإظهار الشعب الفلسطيني كضحية أضعاف أضعاف ما هو عليه وعمليا كانت طريقة ناجحة لتخدير الشعوب العربية ولتحويل نظرهم عن الحقيقة والحل


لماذا لم تتحرك هذه الصحف للمجازر الحاصلة في أفغانستان أو دارفور أو أي بقعة صراع حول العالم بنفس الشكل أم لأن المعتدين هناك هم من أهل البيت ؟

المؤسسة السياسية العربية بشكل عام لا تريد حلا للمشكلة الفلسطينية ولا يكترث القادة بمصير شعبها البريء المعذب لأن حل المشكلة سيوجه الأنظار لمواضيع أخرى وهموم داخلية أكبر وحسابات بنكية وقصور فارهة أكبر بكثير لذا كان عليهم أن يشغلو الشعوب بقضية ما .. قضية تكون بعيدة عن مناطق سلطتهم ولهم فيها تأثير مادي بين فصائل وتيارات تلك المنطق وكانت فلسطين هي ذالك المكان المناسب لتحويل المأساة مرة إلى الجانب القومي العربي المتهالك حاليا ومرة أخرى إلى الجانب الإسلامي الديني ذا الموارد المادية والبشرية الجبارة مبتعدين عن الحل الإنساني الحقيقي والذي يمكن أن يحمل الحل .. وذالك ببصاطة لأنهم لا يريدونه فبوجود الحل للقضية الفلسطينية تلتفت الشعوب إليهم وإلى ثرواتهم وأنظمتهم


كم مرة لاح سراب السلام في الأفق وكم مرة إنسلت الأموال من تحت الطاولة لتصل إلى الفصائل المتعصبة من الطرفين ليعود الصراع للإشتعال كالنار من الرماد ولتعود تجارة المشاعر العربية ويعود الموت ليعمل بدوام إضافي في تلك البقعة الملعونة من الأرض



لقد مات في داخلي ذالك الإحساس بالعطف والحسرة والألم لموت طفل أو لرؤية أحشاء إمرأة حامل تمتد أمامها وانطفأ ذالك الغضب من الموت الذي وجب اعتباره جارا لنا يساكننا ويدور بيننا باستمرار

ليس ذالك فقط لأني يائس من الحل لانعدام مقوماته بل لأن ما يحصل في فلسطين اليوم يحصل في جميع أنحاء العالم وحدث في الماضي وسيحدث في المستقبل


موت ذالك الألم من رؤية العذاب والدماء والأشلاء لم يكن لأني أتبرأ من عروبتي أو لأني أكره الفلسطينيين أو لا أتضامن معهم ولكن ماذا يمكنني أن أقول...

أعتقد أن جملة ( وجنت على نفسها براقش ) تفي بالموضوع

المشكلة في فلسطين ليست قومية ولا حرب دينية ولن تحل أبدا بهذا الوعي الساذج للمشكلة , لقد تبع الفلسطينيون قادتهم السياسيين والدينيين طوال الستين عاما الماضية فعلى ماذا حصلو


لقد نهج العرب بشكل عام سياسات وأفكار لم تعنهم على شيء خلال هذه العقود الطوية وأعتقد شخصيا أن هذه فترة كافية لكي يككتشف الحمار أنه صقط بنفس الحفرة سبعة آلاف مرة


لقد ذكرت توا أن الجانب الإنساني لم يوضع على طاولة البحث عن الحلول وما عنيته أن الخيار الإنساني الحيادي لم يؤخذ على محمل الجد بل تم إستبعاده باستمرار لأنه يتعارض مع التصور الديني للحل



الحل الذي يتبناه الجميع هو الحل الذي يشتمل على الدمار والموت للآخر وفناء الجنس العدو الذي آذانا وهنا الإختلاف حيث أن الجانب الإنساني لا يميز بين عربي وعبراني ولا بين مسلم ويهودي . ذالك الحل الإنساني يتوجه إلى لب الحل مباشرة بسؤال أعتقد أنكم ستفهمون المشكلة من خلاله


هل يريد العرب والمسلمين السلام ؟

هل يريد الشعب الفلسطيني وتحديدا حماس السلام وانتهاء الحرب مع الإسرائيليين بدون فناء الأخيرة ورميهم جميعا في البحر ؟

هل يقبل العرب والمسلمون فكرة التعايش مع الإسرائيليين بسلام إن هم أعادو حقوق الفلسطينيين ؟


الفكرة التي لا يستطيع الأغلبية قبولها هي أن هذا الإسرائيلي أو اليهودي لا يختلف عنهم في شيئ , فبالنهاية هو شرقي ولد وعاش على هذه الأرض التي لم يعرف غيرها وطنا



المشكلة متجذرة في الجانبين بين عنصرية و كراهية من أصول دينية عند الإسرائيليين وعقيدة الإنتقام والحرب المقدسة عند المسلمين أم نسيتم أن لن تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود ويقتل المسلم اليهودي ؟



أنا لا أقول بمحاباة القاتل ولست مع التطبيع ولا مع الإستسلام وخلع الملابس الداخلية على طاولة الحوار وأخذ وضعية مناسبة حتى مع عدو له من القوة العسكرية والإقتصادية والسلطة الدولية الكثير كإسرائيل الدولة الديموقراطية الوحيدة في المنطقة

( والتي يتم فيها تغيير الرأيس .. تخيلو .. ينتخبون رأيسا كل أربع سنوات )


أنا باختصار مع فهم العدو كإنسان مثلي وفهم أسباب العداء والحرب وعلاجها بعيدا عن فكر الإنتقام دون المساومة على الحقوق ودون نسيان الماضي



الإنتقام لم يكن يوما عدلا وليس حلا إلا إذا قضينا على شعوب وأبرياء بالجملة وعندها سنكون في أمان ولكن لفترة محدودة فأيدينا الملوثة بالدماء ستبحث عن فريسة جديدة لإشباع رغبة الموت والقتل


وسنبدأ حينها بقتل بعضنا على أساس مذهبي أو طائفي أو لمجرد إختلاف في أذواق الطعام واللباس


فكرو مليا واقبلو بالحل الصواب حتى ولو كان معارضا لمشاعركم




الأحد، 11 يناير 2009

لينوكس أم وندوز ..


بعد غياب دام مدة بسبب إنشغالي بهذه اللعنة الجديدة علي والتي أقوم باستخدامها الآن للكتابة وأنا في طريقي بين أبوظبي والشارقة فإلى الآن مازلت أحاول فهم هذا النظام الجديد في جهازي المحمول

قد تقولون لماذا ﻻ أقوم بتثبيت نظام وندوز وأرتاح ولكن الفكرة كانت أن أبدأ بالتحرر من هذا النظام التي بات مستقبل مستخدميه يلوح في الأفق

فبعد إصدار نسخة الفيستا العظيمة قلت لنفسي : لقد حان الوقت لنتعلم لينكس



فعلى خلاف الوندز يتميز هذا النظام بالكثير الكثير من الميزات عدى الألعاب فهو أقوى وﻻ يتأثر بالفيروسات التي تجوب الشبكة العنكبوتية باستمرار بالإضافة إلى عدم حاجته لميزات خارقة حتى يسمح لك باستخدامه وﻻ ننسى الميزة الريسية التي جعلتني أقتني هذا الجهاز اللعين وأبدأ بحثي كجاهل بهذا المجال وهي أنه نظام مجاني بجميع إصداراته وﻻ تسيؤو فهمي فأنا لست شخصا ً بخيلا ولكن ﻻ أحب أن يتم إستغلالي بإجباري على إستخدام نظام فاشل وتجاري ﻷني ﻻ أعرف غيره

وهنا نصل إلى الموضوع الذي أريد الحديث عنه وحتى ﻻ أطيل ألخصه بالآتي

أسهل الطرق هي أكثرها خطأ ً وأكثرها استخداماً للأسف


فعلى سبيل المثال يفضل الأغلبية الساحقة من الناس أن تختار الدين طريقا لحياتها ومصيطرا عليها وذالك فقط ﻷن ذالك أسهل ولا يستوجب الكثير من التفكير وإيجاد الحلول

نسبة الإنتحار في المجتمعات الإلحادية مرتفعة على الرغم أن الرفاهية متوفرة ( ذالك فقط إن حذفنا جميع المنتحرين الإستشهاديين الذين يعتقدون أنهم بذالك يرضون الله ) ﻷن الملحد بشكل عام ﻻ يمتلك ميزة الراحة النفسية التي يأمنها الدين المخدر كالأفيون تماما كما تعتبر برامج وملحقات نظام وندوز كثيرة ومتوفرة لتحل مشاكل كثيرة أتت من ملحقات مشابهة .. لتسبب هي أيضا الكثير من المشاكال تي تحتاج إلى ملحقات وبرامج وإصدارات لحلها

وهكذا نعلق في دائرة مفرغة بين المستهلك والمنتج تماما كما يعلق معظم الغيبيين بدوائر مشابهة عندما يواجهون معضلات مثل التخيير والتسيير والأخلاق والدين ومنشأ الفعل الأخلاقي وتطوره وأكاذيب الإعجاز العلمي ووو


ولكن ما يربط هذا البناء دون أن ينهار هو الثقة بالمنتج حتى لوكان خردة وهو هنا الله والدين فبالنهاية يكفي أن نؤمن ونسلم أمرنا ونتناسى المشاكل التي تؤرقنا حتى تزول أو نورثها ﻷطفالنا -- مثلا هل فكر أحد بمصير عربستان بعد نفاذ النفط في العقود القادمة ؟ أم أنه متروك لفعل حكيم قدير ؟



ولكن نظرة الملحد للأمور مختلفة ولربما هذا ما يجعله أكثر عرضة للألم من رؤيته للواقع

فهو ﻻ يتجاهل الواقع ويهرب إلى الأوهام ويفكر بالحلول بدل رمي المشكلة على عاتق الزمن أو قوة خرافية وهو يتألم ﻷن قدراته محدودة ولكنه يسخرها كلها للخير كما أنه يرفض أن يتم التحكم به من شخص آخر فبالنهاية هو أنسان حر يفكر عن نفسه وليس تابعا .. هذا ما جعله ملحدا في البداية وهو ما يجعله عرضة لكثير من ضغوط المجتمع


منذ يومين مررت ببعض الأصدقاء وكانت تعرض على شاشة التلفاز مشاهد من مآسي أهل غزة والجميع إما ناظر بحرقة أو يشتم ويلعن إسرائيل

وعندما صرحت بأن هذا طبيعي جدا في أي حرب .. ماذا تتوقعون .. زهور ورياحين أم أن الإسرائيليين سوف يرحبون بقاتلهم وأذرع مفتوحة ...

ثارو جميعا علي وأكالو إلي التهم بأني يهودي صهيوني حقير وأكره العرب والمسلمين


بإمكانكم تخيل أي ضغط يتعرض له أي إنسان يفكر قليلا بنفسه ويقرر بملئ إرادته أن ينشق عن رأي الأغلبية ﻷنه لم يقتنع به ببصاطة تماما كمن يبدأ باستخدام لينكس بمجتمع وندوز وتماما كما يكون الملحد في بيئة إسلامية أو دينية عموما


فما رأيكم الشخصي بالموضوع ؟

هل ستنتظرون أن تجبرو على إستخدام نظام فيستا أو أنكم من المعجبين بهاذا الإنجاز الخارق وﻻ ترون فيه أي مشكلة أو استغلال مادي


أم أنكم ببصاطة ستبدأون المحاولة للفكاك من هذا القيد ؟



ملاحظة : نعم أعرف أن تشبيه الخيار العقائدي بأختيار أنظمة الكومبيوتر شيئ مبالغ فيه قليلا

ولكن هالسيستم عقد عمري



.