الجمعة، 3 أبريل 2009

ساندريلا ... قرائة تحليلية

.

حقق المجتمع البشري قفزات نوعية خلال تاريخه القصير وكان للمرأة نصيب في هذه المعمعة على الدوام فمن قديسات وملكات إلى طبيبات وعالمات بل ورائدات فضاء ورأيسات دول في عصرنا الحالي .
فدوما كان لها دور في بناء المجتمع وتكوين التراث البشري

ولكن ليست كل الأصابع مثل بعضها وليست كل النساء تشترك بالظروف والعقلية والقدرة التي تسمح لها بالنجاح والإنجاز
فللأسف يفضل بعض النساء التبعية للرجل على شكل زوجة ضامنتا عدم تحملها لمسؤولية قراراتها إن هي تنازلت عنها للرجل وسأحاول تسليط الضوؤ على هذا الموضوع من جانبين مختلفين من حيث النشأة والأثر في التراث

ساندريلا في التراث الأدبي


شخصية ساندريلا المعروفة لدى الجميع في القصة الكلاسيكية هي الشخصية الرأيسية الموجهة للقارئ والتي تحمل العبرة فالمتلقي يكتسب العبرة من تأثره بأفعال هذه الشخصية وتقمصه لها ولمشاعرها في مشاكلاتها وحلولها وطبعا نجد أن الشخصية جميلة, قريبة من القلب و بها كل الميزات التي تربط القارء بها
( وهذه صفات طبيعية في بطل أي قصة ) ولكن في حال قصتنا هنا ما العبرة التي نستخلصها أو نريد أن نعلمها لأطفالنا إذا ما رمينا الكتاب بين أيديهم الصغيرة

عندما عارضت الظروف ساندريلا وحبستها في ذالك البيت كخادمة وأضحت مظلومة من زوجة الأب وابنتيها المتطلبتين ... ماذا كانت ردة فعلها ؟ .. كيف حلت المشكلة ..؟؟
لا شيئ ... الإستسلام التام للظروف والخضوع لزوجة الأب الظالمة
لم تحاول الثورة .. لم تحاول اللجوؤ للقضاء .. لم تحاول حتى الهجرة أو الهرب والخروج من ذالك الذل
إن ساندريلا الجميلة الطيوبة والمفروض أن يتعلم الأطفال منها هي فتاة إنهزامية .. كسولة وجبانة أو بأفضل الأحوال غبية و بلهاء
.

فحتى الخلاص أتى عن طريق الحلول السحرية الخارقة للجنية الطيبة التي يُجمع الجميع على إستحالة وجودها واقعيا ..
فالقصة لم تعالج المشكلة التي طرحتها للقارئ أبدا ً ..
بل وأزيد أننا لو نظرنا إلى تفاصيل القصة من وجهة نظر مختلفة لوجدنا عدة نقاط سلبية

أولا ..

الجنية السحرية لم تعطي ساندريلا فرصة لتغير حياتها أو تبدأ من جديد بعملها وإنجازها وذكائها بل أعطتها ثلاث أشياء لكل رمز كما يلي

1- العربة وسائسها .. مظاهر خادعة تدل على الثراء والأصل النبيل الزائف

2- الثوب ... لإظهار بضاعة ساندريلا في الحفلة فليس لها إلا جسدها لتعرضه حيث لا يمكن لرقصة تستمر بضع دقائق أن تكشف علمها وأدبها وحسن معشرها للأمير ..ولكنها كافية جداً لإظهار أمور أخرى

3- وأخيرا الحذاء البلوري لتكتمل حبكة القصة بسقوط فردة منه في الحفل ليبدأ الأمير المولع بأحذية النساء بحثه عن ساندريلا


ثانيا الأمير ..

فهو هنا ليس إنسانا عاديا بل الأفضل على الإطلاق .. ساندريلا لم تتمنى الزواج من العمدة أو إبن المزارع أو صاحب البقالة أو القاضي لتخرج من حياتها البائسة
( ربما لسمعتها الطيبة بين الناس ) بل نظرت للأمير مرة واحدة حتى لو كانت لا تعرفه ولم تره من قبل لأنها وببساطة لا تهتم إلا بالمال والنفوذ .. أي باختصار وصولية ... ( ونعم المثل الأعلى )


ثالثا ..

حتى عندمى أعطت الجنية الطيبة ساندريلا كل تلك الأشياء فهي كانت هبة منقوصة
فعلى ساندريلا أن تعود في العاشرة ولا تتأخر .. في كناية وتلميح أن حتى أفضل الحلول السحرية الخارقة تستوجب التنازل عن بعض الحرية والإنصياع للطلبات مهما كانت غير منطقية

رابعا ..

خاتمة القصة السعيدة التي تتجلى بتعزيز شعور الشماتة عند الأطفال المتلقين للقصة
عندما تحصل ساندريلا على الأمير بملائمة قدمها للحذاء ولميول الأمير المريضة
(Feet Fetish ) وتترك زوجة الأب بلا رجعة مع بنتيها القبيحتين العانستين بنهاية مشوشة عن مصيرهن

ولكن لماذا يروج الكاتب لهذا النوع من السلوك وخاصة أن القصة موجهة للفتيات الصغيرات
ولو إفترضنا تناسب رسالة القصة مع العصر الذي كتبت فيه ..
فهل تناسب عصرنا الحالي وما تغير في العالم منذ أن حكيت هذه القصة لأول مرة ..
ألا يناسب فتيات اليوم أن يتعلمو الشجاعة والقدرة على تغير واقعهم بذكاء وحكمة لا إنتظار الحلول السحرية

ختاما لهذا الجزء وجب التنويه إلى أن شركة ديزني قامت بإنتاج جزء ثالث للقصة الكلاسيكية بتغيرات في أساس القصة أدت إلى وقوع العصى السحرية بيد زوجة الأب وعودتها بالزمن إلى بدايات أحداث القصة وتغيير الأحداث بما فيه مصلحتها ومصلحة بناتها مما أجبر ساندريلا على العمل والتفكير و الجهاد لإيجاد الحلول لتصل بالنهاية إلى محبوبها الأمير بشكل واقعي أكثر ..


وشخصيا أعتقد أنه وعلى الرغم من كونه جزء ثالث لقصة فاشلة بجزئين سابقين يحتويان عبر سيئة للأطفال
إلا أنه من أكثر أفلام ديزني عقلانية ودعوة لتغيير ما فسد من المسلمات بتشغيل العقل ...

أعود لكم لاحقا مع موضوع ثاني لأتكلم عن أسباب رضوخ المرأة بإرادتها وكيف بدأت هذه الغريزة



سلام ..





هناك 7 تعليقات:

rawndy يقول...

هلا غراب

قراءة جادة مبسطة عن خضوع أحد الرموز النسائية

وعندنا كما لا يخفى عليك تخضع المرأة من نفسها للدين وشيوخه لأنها تربت على هذا ولا حل سوى بنبذ الدين وتعريفها بإنسانيتها وهذا يحتاج لمائة سنة على الأقل لأن العرب لا عقول لهم

وكثير من النساء سعيدات بعبوديتهن بل يروجن لهذه العبودية بين النساء ويجدن لها المبررات الكثيرة المضحكة


تحياتي

sawsanah يقول...

صباح الخير غراب


تحليلك لهذه القصه الكلاسيكية التي تربينا عليها منطقي من وجهة نظر أي شخص واقعي وأنا عن نفسي لم أقف يوماً لأرى سندريلا بالصورة التي صورتها هنا ولكن تبقى الحلول السحرية ولو بالخيال أحياناً فرصة للهروب من الواقع والإنتصار الوهمي لمن لايستطيع إلى ذلك سبيلاً


تحياتي

الغراب الحكيم يقول...

زائراي الوحيدين سوسنة وراوندي
لكم أجل هذا المرور الكريم

كلام صحيح ولكن المشكلة ليست في المرأة فقط إني قد أخذت قصة ساندريلا كمثال للموروث الثقافي والمسلمات التي لا نبحث بها رغم تأثيرها في حياتنا على مستوى الجذور

ويمكن أن نجد أمثلة كثيرة مثل علي بابا والأربعين حرامي وكيف يصير اللص بطلا وجاريته القاتلة السادية منقذة ..

سلام مع المودة

Pure يقول...

غراب

مواضيعك تجنن!

لك أجواؤك الخاصة

أحب مواضيعك كثيرًا


سندريلا هنا تمثّل المرأة الرقيقة
والمرأة الرقيقة بطبيعتها تستسلم لواقعها ولا تجرؤ على المقاومة

ولو تحولت هذه القصة إلى واقعية ومسألة حقوق، لمل الأطفال منها

أنا معك في أن القصص القريبة من واقع الطفل لها أثر إيجابي وبشكل مباشر

ولكن
التنوّع في القصص يلعب دورًا في مخيلة الطفل
والأطفال كالكبار
ينتمون لأنماط مختلفة
وكل له ذوقه


غراب
أنتظر منك تحليلاً لشخصية عروس البحر
The Little Mermaid الجزء الأول والثاني (:

الغراب الحكيم يقول...

شكرا صديقي Pure على كلماتك

بالنسبة لعروس البحر في جزئها الأول وفهي ببساطة الرغبة بامتلاك ما ليس لنا والخروج عن المألوف فرغبة الحورية بالأمير وحبها له لا تختلف عن حب المثليين مثلا
وعملية تحولها إلى إنسان لا تختلف عن عمليات تحويل الجنس
تنتهي إلى التنويه بالعقاب على هكذا تعدي على القوانين والأعراف وما يمكن أن تضع نفسك به إذا خالفت العرف وبالنهاية إلى ذكر إمكانية النجاح بتحقيق ما لم يحقق إلى الآن وتغيير هذا العرف بنجاح قصة الحب

الجزء الثاني هو تعبير عن حظر النبش في الماضي كتابو وما يمكن أن تترتب عليه من نتائج قد تكون مؤلمة إذا ما تبعنا الغرباء إلى حيث يريدون

يعني خليكون شاطرين ولا تسألو يا بهايم ...

بالإضافة إلى إظهار نقطة من طرف الآخر المضيئ وهو معرفة الأصل والجذور الحقيقية والسعادة الناجمة عن هذه المعرفة


شو رأيك ..؟؟

سلام

Pure يقول...

تحليل واقعي أيضًا

الجزء الأول يبدأ بإنقاذ عروس البحر للأمير لأنها كانت تراقبه عن بُعد وهي في شغف لمعرفة المجهول والغامض عليها من عالم الإنسان. فهي كانت تتوق لمعرفة طعم الهواء والشمس الذي هي محرومة منه في قاع البحر.

عملية التحول من عروس بحر إلى إنسان كان بدافع الحب والتضحية من أجل الحبيب.. إن لم تحب يا غراب ههههه يصعب شرح الإحساس بالحب وما يترتب عليه من قرارات ومجازفات.

في الجزء الثاني، تعود الإبنة للبحث عن ماضي والدتها التي نست أنها كانت شقية في يومٍ ما، كأغلب الأمهات ههههههه

تتلخص القصة في الجزئين
أن الفضول وحب المعرفة يؤديان إلى اكتشاف عوالم لا ندري بها..

وهذه متعة الحياة برأيي (:


غراب

هذا عنوان مدوّنتي
أنتظر زيارتك

http://pure4.wordpress.com/

Unknown يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحببت كل كلمة كتبتها أخي الفاضل
شكراً