الخميس، 16 أبريل 2009

ثلاثة عصافير بحجر واحد

.
البارحة حدث لي ما يمكن تسميته بالشرارة الكفيلة بإشعال بعض الأفكار التي سمحت لي بالكتابة ..
لا شيئ مميز ذالك اليوم عدى إتصال هاتفي وصلني وأنا في قمة الملل وإذ به قسم المالية وكانت السيدة ربى على الطرف الثاني من الإتصال

طلبت أن آتي لزيارتها في المكتب بكل سرية لموضوع خاص ومهم جدا .. وأنا لم أكذب خبرا وذهبت بعد الغداء لزيارة قسم المالية وأنا أتخيل أن لا يتعدى الموضوع مشكلة بجهاز الكومبيوتر .. ولكن بعد السلام والكلام وبعض من الحوارات الإجتماعية الخفيفة عدلت قامتها على المكتب وسألتني .

هل ذهبت إلى العمرة من قبل ؟؟

صراحة والحق أقول بداية لم أفهم ما قالته وتطلب الأمر مني بضع ثواني قبل أن ترتسم إبتسامة خفيفة على وجهي تخفي صخب الأفكار في جمجمتي

ما رأيك ..؟؟ هل تريد الذهاب للعمرة .؟ لقد إخترتك لسمعتك الطيبة لتذهب مع المجموعة القادمة لزيارة بيت الله

السيدة ربى سيدة بشوشة في الأربعين من العمر تحب تنظيم الرحلات للحج والعمرة لؤلائك الذين يجدون صعوبة في تأمينها على نفقتهم فتقوم بجمع فريق منهم مكون من عشر أشخاص يتقاسمون التكاليف فتصبح الرحلة ممكنة
ولكن ما هذا الحظ العاثر التي وقعت به السيدة ربى من بين المليار ونصف مسلم لم تجد غيري أنا الملحد لتعرض عليه هذا العرض ..؟!

قالت مبتسمة : ها ما رأيك ؟

هنا إضطررت للإستيقاظ من الأفكار الصاخبة وقلت بهدوء و سرعة ..: لا ..

طبعا بداية لم تدرك الجواب ولكن ما أن إستوعبت ردي حتى طارت الإبتسامة الودودة وارتسمت بدلا عنها ملامح الذهول والتعجب وأمطرتني بكم لا بأس به من الأسئلة الإستفهامية والإستنكارية

لماذا لا تريد .؟؟
ألست مسلما .. نعم إسم @#&$% إسم إسلامي ..؟؟
ما هي أسبابك ؟؟

وهنا عدت إلى معمعة وصخب الأفكار ..
ترى ما هي أكثر الطرق دبلوماسية للتخلص من هذا الموقف ..؟؟
لقد تهربت سابقا من الدعوة للصلاة بمجرد قول الكلمة السحرية .. " جنب .. أنا جنب " ولكن هنا لا مفر ..

تخيلو أن أقول مثلا : لا .. ذاك أنني مسلم سابق والآن أنا ملحد فخور بإلحادي ..
أو أن أكون أكثر شجاعة و وقاحة وأقول : لأنني ملحد مرتد ولا أؤمن بكل هذه الطقوس الوثنية ..


يا ترى .. ماذا يمكن أن تكون عليه الأحداث
وصراحة أقسم أنه ترائى لي كما الأفلام الكوميدية شاشة سوداء كتب في وسطها بخط أبيض " بعد بضع دقائق " لتنجلي عن صورة لأهالي القرية ( موظفي الشركة ) يربطونني بعامود خشبي وسط الساحة العامة ويحرقوني كالساحرة و المشعوذين وهم يرجمونني بالعصي والحجارة بينما السيدة ربى تقوم بقرائة القداس وترشقني بالماء المقدس بينمى هي مرتدية لزي الرهبان طاردي الأرواح الشريرة ..

أفكار كثيرة كوميدية بأغلبها كانت تدور صاخبة كأسماك الزينة في ذالك الحوض الصغير المسمى جمجمتي ولكن دعونا نعود لأرض الواقع ..

قلت لها بشكل هادئ وسريع :
أن الموضوع له علاقة بقناعاتي خاصة ..
كما أن أمور شخصية مثل هذه لا أحب الحديث عنها مع أنني أشكركي على حسن نواياكي وتمنيكي الخير لي ..

بداية لم تتفهم ولكنها قبلت بالموضوع على مضض .. ربمى لأنها إعتقدت أنني أنتمي إلى طائفة غير السنية مثل الدرزية أو العلوية .. كوني سوري الجنسية ولا أكثر من هذه المذاهب والطوائف هناك على الرغم من عدم معرفتها بشيئ عن أي شيئ..

وبعد أخذ ورد وعدتها بأني سأقوم بتأمين شخص بديل عني يبيض الوجه ويكون ملتزما أخلاقيا ودينيا حتى يكتمل الفريق الذاهب إلى مكة وبالفعل قمت بتأمين شخص كان يحلم بالذهاب للعمرة منذ زمن وقد حاول مرارا زيارة بيت الله وفيلته والمسبح الشخصي له ولكن تحطمت آماله مرات عدة وهنا أقول بأني أصبت ثلاثة عصافير بحجر واحد ..
أمنت للسيدة ربى ما تريده ( شخص موثوق ملتزم دينيا وأخلاقيا يكمل عدد أفراد الرحلة )
وحققت أمل رجل في الخمسين يحلم بزيارة الأراضي المقدسة
والأهم نفدت بريشي من الموقف ..

الفكرة التي أريد طرحها في هذا الموضوع هي أنني كملحد ليس لي مشكلة مع المؤمنين ..
فهم بمعظمهم أناس ودودين ومسالمين طيبين على الرغم من تربيتهم لذالك الوحش الكاسر في داخلهم ..
وليس لي مشكلة في أن أساعد إنسانا في ما يحب حتى لو إختلفت معه بوجهة النظر وفي مغزى هذا الفعل

إن مشكلتي مع الدين بحد ذاته وليست مع المتدين .. مع الإسلام وليست مع المسلمين
وحقيقة لا أعتقد أن الموضوع يجب أن يرقى لدرجة الحرب حتى لو تم إعلانها من الطرف الآخر ..
فبالنهاية لن يصح إلا الصحيح .

ملاحظة :
قمت بالإتصال بأخي في دمشق بعد منتصف الليل .. وقلت له بالحرف الواحد بعد أن رد على الهاتف .:
- لقد دعيت لأداء مناسك فريضة العمرة .. فما رأيك ؟

صراحة إنقطع الإتصال بعد سماعي لصوت ضحك هستيري إنتهى بصوت سقوط الهاتف على الأرض وإنقطاع الإتصال ..


سلام

هناك 6 تعليقات:

Pure يقول...

نتعرض كثيرًا لهذه المواقف

كل ما علينا
الابتسام والامتناع أو تغيير الموضوع بأسلوب لا يثير حنقهم علينا

أما القريبون منا حتى في العمل
لا أجد مشكلة في معرفتهم بطريقة تفكيري

فالأهم من ذلك هو أسلوب التعامل والاحترام والمحبة

الغراب الحكيم يقول...

العزيز بيور

ذالك وارد إذا كان الطرف الآخر يحكم على على شخصك بأفعالك وأخلاقك

أما إذا ما كان من المتبعين المؤمنين ممن يسمعون كلام مولانا
فالويل لك ولو كنت يسوع المسيح

سلامة

Pure يقول...

غراب

أراك مرارًا تخاطبني بأسلوب المذكّر

إليك عنوان مدونتي لمعرفة ما أنا

http://pure4.wordpress.com

safa يقول...

بسيطة, هي ما بتعرف انك ملحد. انا الناس عارفين اني ملحدة مع هيك بينصحوني اروح على العمرة عشان اهتدي :)

غير معرف يقول...

عزيزي الغراب الحكيم
لو كنت مكانك لذهبت بالرغم من إني لاأدري agnostic , أولاً سأعتبرها سياحه , ثانياً للتعرف وزيادة معلوماتي عن هذه الطقوس الدينيه , خصوصاً إنها عمره وليست حجاً أو كما تسمى دينياً الحج الأصغر, لأن الحج مزعج بإزدحامه .
شكرا .

غير معرف يقول...

عزيزي الغراب الحكيم
لو كنت مكانك لذهبت بالرغم من إني لاأدري agnostic , أولاً سأعتبرها سياحه , ثانياً للتعرف وزيادة معلوماتي عن هذه الطقوس الدينيه , خصوصاً إنها عمره وليست حجاً أو كما تسمى دينياً الحج الأصغر, لأن الحج مزعج بإزدحامه .
شكرا .